للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن صحيح السنة العطرة في ذلك أحاديث:

الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [قد أفلح مَنْ أسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ الله بما آتاه] (١).

الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إنَّ الدنيا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وإن الله مُسْتَخْلِفُكُمْ فيها، فينظُرُ كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء] (٢).

الحديث الثالث: أخرج ابن ماجه بسند صحيح عن سهل بن سعد، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي الحُلَيْفَةِ. فإذا هو بشاة ميتة شائلة برجلها. فقال: [أَتُرَوْنَ هذِهِ هَيِّنَةً على صاحِبِها؟ فوالذي نفسي بيده! للدنيا أهْوَنُ على الله، من هذهِ على صاحِبِها. ولو كانت الدنيا تَزِنُ عِنْدَ الله جناحَ بعوضَةٍ، ما سقى كافِرًا مِنْها قَطْرَةً أبدًا] (٣).

وقوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا}. قال القرطبي: (من الإنشاء والإفناء والإحياء، سبحانه! ).

وقوله: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.

ردٌّ على عُيينة بن حِصْن والأقرع بن حابس وأمثالهما لما افتخرا على سلمان وصهيب وخباب وتكبرا على مجالستهم. ومن ثمَّ فهي عامة في شأن كل المستكبرين في الأرض المفتخرين بما فتنهم الله به من المال والولد. قال النسفي: ({الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} لا زاد القبر وعدة العقبى).

قلت: وفي المال جمال ونفع، وفي البنين قوةٌ ودفع، فإن استفاد العبد من ذلك في طاعة الله كان ذلك زينة له في الدنيا وثوابًا في الآخرة. ولكن أغلب الناس يُفتنون بالمال والولد في دنياهم ولا يقيمون بهما ما يصلحون أخراهم. ولذلك قال تعالى: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}.


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٠٥٤) - كتاب الزكاة. باب في الكفاف والقناعة. وأخرجه أحمد (٢/ ١٧٣)، والترمذي (٢٣٤٨)، وابن ماجه (٤١٣٨)، وابن حبان (٦٧٠)، والبيهقي (٤/ ٢٩٦).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٧٤٢) - كتاب الذكر والدعاء، أو كتاب الرقاق. باب أكثر أهل الجنة الفقراء، وأكثر أهل النار النساء، وبيان الفتنة بالنساء.
(٣) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجه في السنن - حديث رقم - (٤١١٠) - كتاب الزهد. باب مثل الدنيا. وانظر صحيح سنن ابن ماجه - حديث رقم - (٣٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>