فَلْيَأتِ بمثلِ ما جئتُ به، فإني لا أعلمُ الغيب فيما أخبرتكم به من الماضي، عما سألتم من قصة أصحاب الكهف، وخَبَر ذي القرنين، مما هو مطابق في نفس الأمر، لولا ما أطلعَني الله عليه. وأنا أخبركم {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ} الذي أدعوكم إلى عبادته، {إِلَهٌ وَاحِدٌ} لا شريك له).
وقوله: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.
أي: فمن كان يرجو لقاء الله فيخاف الموقف بين يديه، ويأمل الفوز بثوابه وجناته، والظفر بلذة النظر إلى وجهه، فليعمل عملًا خالصًا لوجهه موافقًا لشريعته، ولا يشرك بعبادته أحدًا.
والآية دليل على ركني العمل الصالح المتقبل:
الركن الأول: أن يكون العمل خالصًا لوجه الله العظيم.
الركن الثاني: أن يكون موافقًا للشريعة المطهرة، كما جاء في التنزيل وهدي الرسول الكريم.
قال الفضيل بن عياض: (فإن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا، لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا. والخالص أن يكون لله، والصواب: أن يكون على السنة).
وقال شيخ الإسلام - ابن تيمية -: (وإذا كانت جميع الحسنات، لا بد فيها من شيئين: أن يراد بها وجه الله، وأن تكون موافقة للشريعة، فهذا في الأقوال والأفعال. في الكلم الطيب، والعمل الصالح، في الأمور العلمية، والأمور العملية العبادية).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: ٥].
٢ - وقال تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [آل عمران: ٢٩].
٣ - وقال تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: ٣٧].
ومن كنوز السنة المطهرة في ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: