وقوله تعالى: {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى}.
قيل: هو استثناء منقطع، أي: ولكن أنزلناه تذكرة. وقيل نصب {تَذْكِرَةً} على المصدر، أي أنزلنا لتذكِّرَ به تذكرة. أو على المفعول لأجله، والتقدير: ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى به، ما أنزلناه إلا تذكرة. وكلها وجوه محتملة تدل على الإعجاز.
قال قتادة: (وإن الله أنزل كتبه، وبعث رسله رحمة رحم الله بها العباد، ليتذكر ذاكر، وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله، وهو ذكر له أنزل الله فيه حلاله وحرامه).
وقوله تعالى: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى} - فيه إشارة إلى صفة العلو لله العلي العظيم، فإنه تعالى فوق العرش يدبر الأمر، وهو بائن من خلقه كما وصف سبحانه نفسه.
وقوله: {تَنْزِيلًا} مصدر، أي نزلناه تنزيلًا. وقيل: بدل من {تَذْكِرَةً}.
وقرأ أبو حيوة الشامي {تَنْزِيلًا} بالرفع، والنصب أرجح وأشهر. والعُلا: أي العالية الرفيعة، وهي جمع العُليا. والمعنى كما قال ابن كثير: (هذا القرآنُ الذي جاءك يا محمد تنزيلٌ من ربِّ كلِّ شيء ومليكه، القادر على ما يشاء، الذي خلق الأرض بانخفاضها وكثافتِها، وخلق السماوات العُلا في ارتفاعها ولطافَتِها).
وقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} - أي علا وارتفع، كما يليق بجلاله وكماله.
وقوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى}.
قال القاسمي: (بيان لشمول قهره وملكته للكل. أي كلها تحت ملكته وقهره وسلطنته وتأثيره. لا توجد ولا تتحرك ولا تسكن ولا تتغير ولا تثبت إلا بأمره).
وقال النسفي: ({وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} ما تحت سبع الأرضين أو هو الصخرة التي تحت الأرض السابعة).
وقوله تعالى: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}.
قال ابن عباس: (السّر: ما علمته أنت، وأخفى: ما قذف الله في قلبك مما لم تعلمه).
وقال أيضًا: (يعني بأخفى: ما لم يعلمه، وهو عامله، وأما السّر: فيعني ما أسرّ