قال النسفي: (والسؤال للتنبيه لتقع المعجزة بها بعد التثبت، أو للتوطين لئلا يهوِّله انقلابها حَيَّة، أو للإيناس ورفع الهيبة للمكالمة).
وقوله تعالى: {قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}. أي: فأجاب موسى أنها عصاه يعتمد عليها حال المشي ويهزّ بها الشجرة ليسقط ورقُها لترعاه غنمه، وأن له بها مصالح ومنافع أخرى.
قال قتادة: ({وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي}: أخبط بها الشجر). وقال: (كان نبي الله موسى - صلى الله عليه وسلم - يهشُّ على غنمه ورق الشجر). وقال السدي: (يقول: أضرب بها الشجر للغنم، فيقع الورق). وقال الضحاك: (يقول: أضرب بها الشجر حتى يسقط منه ماتأكل غنمي).
وعن ابن عباس: ({وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} قال: حوائج أخرى قد علمتها). وقال مجاهد: (حاجات). أي حاجات أخرى سوى ذلك.
وقوله تعالى: {قَالَ أَلْقِهَا يَامُوسَى} - ابتداء لأسباب ظهور المعجزة. قال ابن عباس: (لما قيل لموسى: ألقها يا موسى، ألقاها) - أي العصا التي كانت في يده.
وقوله تعالى: {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى}. أي: قَلَبَ الله أوصافها وأعراضها، فصارت العصا حَيَّةً بإذن الله {تَسْعَى} أي: تنتقل وتمشي وتتحرك. قال وهب بن منبه: (تهتزّ، لها أنياب وهيئة كما شاء الله أن تكون، فرأى أمرًا فظيعًا، فولى مدبرًا).
وفي التنزيل: {فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ} [النمل: ١٠]. فنودي: {يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: ١٠].
وقوله تعالى: {قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى}.
قال وهب بن منبه: (فولى مُدبرًا، ولم يعقّب، فناداه ربه: يا موسى أقبل ولا تخف {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى}. قال: أي سنردها عصًا كما كانت).
وعن ابن عباس: ({سِيرَتَهَا الْأُولَى} يقولى: حالتها الأولى). أي سنردها إلى هيئتها الأولى عصًا كما كانت.
وقوله تعالى: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى}.
أي: أدخل يدك - يا موسى - في جيبك كما تفسّره الآية الأخرى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [النمل: ١٢]. وكذلك الآية: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ