للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى}.

أي: جنات إقامة تتخللها الأنهار ماكثين فيها أبدًا، وهو جزاء من تزكى بالإيمان والعمل الصالح، فطهَّر نفسه من الشرك وعمله من الرياء، وصدق المرسلين وتابعهم على منهاجهم.

٧٧ - ٧٩. قوله عز وجل: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (٧٧) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (٧٨) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (٧٩)}.

في هذه الآيات: وَحْيُ الله تعالى إلى موسى - صلى الله عليه وسلم - المسير بالمؤمنين ليلًا- للخلاص من قبضة فرعون وبطشه - واختراق البحر بهم، واتباع فرعون وجنوده لهم، وخوضهم في البحر الذي أطبق مياهه عليهم، ليغرق فرعون وجنده بكفرهم.

فقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى}.

قال مجاهد: ({يَبَسًا}: يابسًا). وعن ابن عبالس: ({لَا تَخَافُ} من آل فرعون {دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} من البَحْر غرقًا). قال قتادة: (يقول: لا تخاف أن يدركك فرعون من بعدك ولا تخشى الغرق أمامك).

فإنه حين أبى فرعون أن يرسل مع موسى بني إسرائيل، أوحى الله إلى موسى أن يُسري بهم في الليل ويخلّصهم من قبضة فرعون وبطشه، فخرج بهم ليلًا فأصبحوا وليس منهم بمصر لا داع ولا مجيب، فغضب فرعون وأرسل يجمع الجند من أرجاء بلاده ويقول: {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ} (١)، ثم مضى في الجند والعتاد {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} - أي: عند طلوع الشمس. {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} أي: نظر كل فريق إلى الآخر، {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}. ووقف موسى ببني إسرائيل، البحر أمامهم، وفرعون وراءهل، فأوحى الله تعالى إلى موسى: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ} فضربه: {فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} أي: كالجبل


(١) انظر سورة الشعراء، الآيات [٥٤ - ٦٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>