للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العظيم. قال ابن كثير: (وأرسلَ الله الريح على أرض البحر فلفحته حتى صار يابسًا كوجه الأرض، ولهذا قال: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا}، أي: من فرعون، {وَلَا تَخْشَى}، يعني من البحر أن يغرق قومك).

وقوله تعالى: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (٧٨) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى}.

أي: فلحقهم فرعون بمن معه فخاض وراءهم حين قطعوا البحر، فغشي فرعون وجنده من اليم -أي من البحر- ما غشيهم فغرقوا جميعًا. وسلك فرعون بذلك بقومه طريق الضلال وسبيل أهل النار. قال القاسمي: ({فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} أي علاهم منه وغموهم، ما لا يحاط بهوله {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} أي أوردهم الهلاك، بعتوّه وعناده في الدنيا والآخرة. وما هداهم سبيل الرشاد).

٨٠ - ٨٢. قوله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (٨٠) كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (٨١) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}.

في هذه الآيات: يمتن سبحانه وتعالى على بني إسرائيل ببعض النعم الكبيرة، والآلاء الوفيرة، وأعظمها ما كان من نجاتهم من فرعون وجنده أهل الآثام والشرور الخطيرة، وهم ينظرون إلى مصارعهم إذ غرقوا عن آخرهم في صبيحة واحدة، وما نجا منهم أحد. ومواعدة الله موسى وبني إسرائيل إلى جانب الطور الأيمن وتكليمه تعالى موسى وإنزال التوراة والمن والسلوى ليحمدوه تعالى ويعظموه ويتوبوا إليه، وهو الغفار لمن تاب وعمل صالحًا ثم اهتدى.

فقوله: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ} - أي فرعون وجنوده، فقد كانوا يسومونكم سوء العذاب، يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم. فأقر أعينكم برؤية مصارعهم. قال تعالى: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}.

ومن ثمَّ فكان من شكر تلك النعمة على بني إسرائيل أن يعظموا التوراة ولا يخالفوا نبيَّ الله موسى، وأن يحمدوا الله دومًا على الخلاص من ذلك الطاغية الفاجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>