للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْعِدِي (٨٦) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (٨٨) أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (٨٩)}.

في هذه الآيات: قدوم موسى لميقات ربه، وإضلال السامري بني إسرائيل بعبادة العجل، ورجوع موسى غضبان أسفًا محذرًا قومه عبادة من لا يملك لهم ضرًا ولا نفعًا.

فقوله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى}.

أي: وأيّ شيء أعجلك عن قومك يا موسى، فتقدمتهم وخلفتهم وراءك.

فإنه بعد هلاك فرعون، مضى موسى ببني إسرائيل: {فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (١٣٨) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: ١٣٨ - ١٣٩]. وواعده ربه ثلاثين ليلة ثم أتمّها بعشر، واختار من قومه سبعين رجلًا لميقات ربه - كما مر في سورة الأعراف.

قال النسفي: (مضى معهم إلى الطور على الموعد المضروب ثم تقدمهم شوقًا إلى كلام ربه وأمرهم أن يتبعوه، قال الله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ} أي: أيّ شيء أوجب عجلتك؟ استفهام إنكار، وما مبتدأ وأعجلك الخبر).

وقوله تعالى: {قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}.

قال ابن جرير: (يقول: قومي على أثري يَلْحقون بي. يقول: وعجلت أنا فسبقتهم رب، كيما ترضى عني).

وقوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ}.

أي: فإنا ياموسى قد ابتلينا قومك من بعدك بعبادة العجل الذي دعاهم إليه السامري، فأطاعوه حين استخفهم بذلك، وعصوا أمرك وأمر أخيك هارون وركبوا الأهواء.

وقوله: {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا}. أي: يجمع بين الغضب والحزن على ما صدر. قال ابن عباس: (يقول: حزينًا). وقال قتادة: (أي حزينًا على ما صنع قومه من بعده).

<<  <  ج: ص:  >  >>