أي: وأيّ شيء أعجلك عن قومك يا موسى، فتقدمتهم وخلفتهم وراءك.
فإنه بعد هلاك فرعون، مضى موسى ببني إسرائيل: {فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (١٣٨) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: ١٣٨ - ١٣٩]. وواعده ربه ثلاثين ليلة ثم أتمّها بعشر، واختار من قومه سبعين رجلًا لميقات ربه - كما مر في سورة الأعراف.
قال النسفي:(مضى معهم إلى الطور على الموعد المضروب ثم تقدمهم شوقًا إلى كلام ربه وأمرهم أن يتبعوه، قال الله تعالى:{وَمَا أَعْجَلَكَ} أي: أيّ شيء أوجب عجلتك؟ استفهام إنكار، وما مبتدأ وأعجلك الخبر).
أي: فإنا ياموسى قد ابتلينا قومك من بعدك بعبادة العجل الذي دعاهم إليه السامري، فأطاعوه حين استخفهم بذلك، وعصوا أمرك وأمر أخيك هارون وركبوا الأهواء.
وقوله:{فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا}. أي: يجمع بين الغضب والحزن على ما صدر. قال ابن عباس:(يقول: حزينًا). وقال قتادة:(أي حزينًا على ما صنع قومه من بعده).