للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب يتطلَّبه. وعن ابن عباس: ({فَنَسِيَ}، أي: نَسِيَ أن يذكِّركم أن هذا إلهكم).

وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: (فقالوا: {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ}، قال: فعكفوا عليه وأحيّوه حبًا لم يحبُّوا شيئًا قطّ يعني مثله، يقول الله: {فَنَسِيَ}، أي: ترك ما كان عليه من الإسلام، يعني السامري).

قلت: وكلها تأويلات محتملة تدل على ضلال السامري ومن اتبعه وانخراطهم في سخافة عبادة العجل، ولذلك سفّه الله أحلامهم وعاب عليهم الجهل الذي وقعوا فيه كما تدل على ذلك الآية الآتية.

وقوله تعالى: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}.

أي: أفلا يرون أن العجل الذي عبدوه لا يجيبهم إذا سألوه أو خاطبوه ولا يملك لهم في دنياهم ولا في أخراهم ضرًا ولا نفعًا. قال ابن عباس: (لا والله ما كان خُوارُه إلا أن يدخُلَ الريح في دُبره فيخرج من فيه، فَيُسمَع له صوتٌ).

٩٥ - ٩٨. {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (٩٠) قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (٩١) قَالَ يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَاسَامِرِيُّ (٩٥) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (٩٧) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (٩٨)}.

في هذه الآيات: نصيحة هارون لبني إسرائيل بطاعة الرحمان عز وجل وعدم السقوط في هذه الوثنية القبيحة، وإصرار القوم على أمرهم، ورجوع موسى مؤنبًا هارون، وحواره مع السامري وتوعده له، وتأكيده لقومه أن إلههم الحق هو الله الذي لا إله غيره قد وسع كل شيء علمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>