للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ}. هو تحذير هارون لعبدة العجل من بني إسرائيل قبل رجوع موسى إليهم. قال السدي: (يقول: إنما ابتليتم به، يقول: بالعجل).

قال ابن جرير: (يقول: إنما اختبر الله إيمانكم ومحافظتكم على دينكم بهذا العجل، الذي أحدث فيهم الخوار، ليعلم به الصحيح الإيمان منكم من المريض القلب الشاك في دينه).

وقوله: {وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي}.

أي: وإن ربكم الرحمان خالق كل شيء ومليكه، وهو وحده المستحق للعبادة، فاتبعوني فيما آمركم به واجتنبوا ما أنهاكم عنه.

وقوله تعالى: {قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا}.

هو من عِنَادِ ضُلَّالِ بني إسرائيل. قال ابن كثير: (أي: لا نترك عبادته حتى نسمع كلام موسى فيه. وخالفوا هارونَ في ذلك وحاربوه، وكادوا أن يقتلوه).

وقوله تعالى: {قَالَ يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي}.

قال ابن عباس: (لما قال القوم: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} أقام هارون فيمن تبعه من المسلمين ممن لم يُفتتن، وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل، وتخوّف هارون إن سار بمن معه من المسلمين أن يقول له موسى {فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} وكان له هانبًا مطيعًا).

والمعنى: لما رجع موسى ورأى ما وقع به القوم من الفتنة امتلأ غيظًا وألقى ما كان بيده من الألواح الإلهية، وراجعهم في ذلك وعاتبهم، ثم أخذ برأس أخيه هارون يستخبر منه: أي شيء منعك إذ رأيتهم ضلوا عن دينهم ألا تتبعني فتخبرني بالأمر أوّل ما وقع.

وعن ابن جريج: (قوله: {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ} قال: أمر موسى هارون أن يصلح، ولا يتبع سبيل المفسدين، فذلك قوله: {أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} بذلك).

<<  <  ج: ص:  >  >>