للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}.

في الكلام محذوف، والتقدير: ثم أخذ موسى بلحية أخيه هارون ورأسه يجرّه إليه. فاعتذر إليه هارون أن تأخر عليه ولم يلحقه فيخبره خشية أن يقول له موسى: لم تركتهم وحدهم وفرقت بينهم {وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}.

قال ابن عباس: ({وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}: لم تحفظ قولي).

قال ابن كثير: (- في قوله -: {يَبْنَؤُمَّ}، ترفَّقَ له بذكر الأمِّ، مع أنه شقيقُه لأبوَيه، لأنّ ذكر الأم هاهنا أرَو وأبلَغ في الحنوَّ والعَطْف).

وقوله تعالى: {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَاسَامِرِيُّ}. هو قول موسى للسامري: أن ما شأنك وما الذي دعاك إلى ما صنعت. قال ابن زيد: (ما أمرك؟ ما شأنك؟ ما هذا الذي أدخلك فيما دخلت فيه). وقال السدي: (ما لك يا سامري).

وقوله: {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَاسَامِرِيُّ}. أي علمت أمرأ لم يعلموه فصرت به بصيرًا.

وقوله: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي}.

قال ابن عباس: (قبض قبضة منه من أثر جبريل، فألقى القبضة على حليهم فصار عجلًا جسدًا له خوار، فقال: هذا إلهكم وإله موسى).

وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: (لما قذفت بنو إسرائيل ما كان معهم من زينة آل فرعون في النار، وتكسّرت ورأى السامريّ أثر فرس جبرئيل عليه السلام، فأخذ ترابًا من أثر حافره (١)، ثم أقبل إلى النار فقذفه فيها. وقال: كن عجلًا جسدًا له خوار، فكان للبلاء والفتنة).

وقال ابن زيد: ({وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} قال: كذلك حدثتني نفسي). أي: زينت لي نفسي. قلت: والمقصود أن الله تبارك وتعالى أراد ما كان من التقاء التراب من أثر حافر فرس جبريل، مع الحليّ في النار ليخرج من ذلك عجل له خوار ليفتتن الناس به ويمتحنوا في صدق إيمانهم بالله. وهذا كما يحصل اليوم من خرق العادة على يد


(١) قيل: رأى السامري أثر جبريل يوم فلق البحر، وقيل: وقت ذهابه بموسى إلى الطور. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>