مُنَاشدةً لله في استيفاء الحق، من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار يقولون: رَبَّنا كانوا يصومون معنا وَيُصَلُّون ويَحُجُّون، فيقال لهم: أخرجوا مَنْ عَرَفْتُمْ -فَتُحَرَّمُ صُوَرُهم على النار- فَيُخرجونَ خَلْقًا كثيرًا قَدْ أَخذتِ النارُ إلى نِصْفِ ساقيه وإلى رُكبَتَيْه. ثم يقولون: ربَّنا! ما بقَيِ فيها أحدٌ مِمَّنْ أَمَرْتنا به. فيقول: ارجِعوا، فَمَنْ وَجَدْتُم في قلبه مثقالَ دينارٍ مِنْ خيْرٍ فأخرِجوه، فَيُخْرِجون خَلْقًا كثيرًا، ثم يقولون: رَبَّنا! لم نَذرْ فيها أحدًا مِمَّنْ أمَرْتَنا به. ثم يقول: ارجعوا، فَمَنْ وَجَدتُمْ في قلبه مِثْقَالَ نصفِ دينارٍ مِنْ خير فَأَخْرِجوه، فَيُخرجونَ خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: رَبَّنا! لمْ نَذَرْ فيها مِمَّنْ أمَرْتنا أحدًا، ثم يقول: ارجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال ذَرَّةٍ من خيرٍ فأخرجوه، فيخرجون خَلْقًا كثيرًا، ثم يقولون: رَبَّنا لم نَذَرْ فيها خيرًا. فيقول الله تعالى: شَفَعَت الملائكةُ وشَفَعَ النبيونَ وشفعَ المؤمنون، ولم يَبْقَ إلا أرحَمُ الراحمين، فَيَقْبضُ قَبْضَةً من النار فَيُخرجُ منها قومًا لم يعملِوا خيرًا قطُّ، قد عادوا حُمَمًا فَيُلْقِيهم في نَهْرٍ في أفواهِ الجنة يقال له نَهْرُ الحياة، فيَخْرجُونَ كما تخْرُجُ الحبَّةُ في حميل السَّيل .......... ] الحديث (١).
قال قتادة:({يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} من أمر الساعة {وَمَا خَلْفَهُمْ} من أمر الدنيا).
قال ابن جرير:(يقول تعالى ذكره: يعلم ربك يا محمد ما بين أيدي هؤلاء الذين يتبعون الداعي من أمر القيامة، وما الذي يصيرون إليه من الثواب والعقاب {وَمَا خَلْفَهُمْ} يقول: ويعلم أمر ما خلفوه وراءهم من أمر الدنيا).
وقال النسفي:({وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} أي بما أحاط به علم الله). أي لا يحيط الخلق بربهم علمًا، بل الله تعالى قد أحاط بكل شؤون خلقه علمًا.
وقوله تعالى:{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ}. قال ابن عباس:(يقول: ذلت).
وقال مجاهد:(خشعت). وقال ابن زيد:(استأسرت الوجوه للحي القيوم. صاروا أسارى كلهم له. قال: والعاني: الأسير).