للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاسمي: (أي بعبارات شتى، تصريحًا وتلويحًا، وضروب أمثال، وإقامة براهين).

وقوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}. قال قتادة: (ما حُذّروا به من أمر الله وعقابه، ووقائعه بالأمم قبلهم).

وقوله: {أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا}. أي موعظة وتذكرًا، أو مقامًا وشرفًا. قال قتادة: ({أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} قال: جِدًا وورعًا. وقد قال بعضهم - معناه -: أو يحدث لهم شرفًا بإيمانهم به).

وقوله: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ}. أي تناهى سبحانه في العلو والعظمة، وتنزه وتقدس.

قال ابن كثير: (أي: تَنزَّهَ وتقدَّسَ الملكُ الحق، الذي هو حَقٌّ، ووعده حقٌّ، ووعيده حقٌّ، ورسُله حقٌّ، والجنة حقٌّ، والنار حقٌّ، وكل شيء منه حقٌّ. وعدله تعالى ألا يُعَذَّبَ أحدًا قبل الإنذار وبعثة الرسل والإعذار إلى خَلْقِه، لئلا يبقى لأحدٍ حُجَّةٌ ولا شبهة).

وقوله: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ}.

أي: بل أنصت - يا محمد - لجبريل وهو يتلوه عليك، فإذا فرغ الملك من قراءته فاقرأه بعده.

والآية كقوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: ١٦ - ١٩].

قال القاسمي: (وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لَقَّنَهُ جبريل الوحيَ، يتبعه عند تلفط كل حرف وكل كلمة، لكمال اعتنائه بالتلقي والحفظ. فأرشد إلى أن لا يساوقه في قراءته، وأن يتأنَّى عليه ريثما يسمعه ويفهمه. ثم ليقبل عليه بالحفظ بعد ذلك).

قلت: بل ضمن الله تعالى له حفظه في صدره بقوله: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: ١٧]. أي نحن سنجمعه لك في صدرك لئلا تنشغل بعناء حفظه عن مهام الدعوة والجهاد، وإنما تقرأه على الناس من غير أن تنسى منه شيئًا.

فقد أخرج البخاري في صحيحه عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما

<<  <  ج: ص:  >  >>