وجحود إبليس، وتحذير الله آدم وزوجته عداوته، ووسوسة الرجيم لهما حتى أكلا من الشجرة وبدت سوآَتهما، والتماس آدم التوبة من ربه حتى تاب عليه وهدى.
فقوله:{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ}. قال مجاهد:(ترك أمر ربّه).
وعن ابن عباس قال:(إنما سُمَّيَ الإنسان لأنه عُهِدَ إليه فنسي).
والمقصود: لقد وصينا آدم من قبل وجود هؤلاء أن لا يقرب الشجرة فخالف إلى ما نُهِيَ عنه. وهكذا النسيان في ذرية آدم وحدوث الغفلة، فأساس أمر بني آدم قائم على ذلك. وإنما خير الخطائين التوابون.
وقوله:{وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}. قال قتادة:(صبرًا). وقال عطية:(حفظًا لما أمرته به).
وقال ابن زيد: ) العزم: المحافظة على ما أمره الله تبارك وتعالى بحفظه، والتمسك به).
أي امتنع واستكبر. وكان ذلك الأمر من الله لملائكته بالسجود لآدم تشريفًا له وتكريمًا - كما مضى في سورة البقرة -. وإنما اعتز إبليس بخلقة النار، واستوهن خلق الصلصال، واعترته الحمية، وغلبت عليه الشقوة.
قال الحسن:({فَتَشْقَى} شقاء الدنيا، لا يُرى ابن آدم إلا ناصبًا).
أي: هذا الشيطان - يا آدم - عدو لك ولزوجك حواء - عليهما السلام - حيث لم يسجد لك ولم ير فضلك، وأظهر لك العداوة والحسد، فلا يكون سببًا لإخراجكما من الجنة.
قال النسفي:({فَتَشْقَى} فتتعب في طلب القوت، ولم يقل فتشقيا مراعاة لرؤوس الآي، أو دخلت تبعًا، أو لأن الرجل هو الكافل لنفقة المرأة). وقال القرطبي:(وإنّما خصّه بذكر الشقاء ولم يقل فتشقيان: يعلمنا أن نفقة الزوجة على الزوج، فمن يومئذ جرت نفقة النساء على الأزواج).