للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج الطبراني في "الصغير" بسند صحيح عن البراء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ما اختلج عرق ولا عينٌ إلا بذنب، وما يدفع الله عنه أكثر] (١).

وقوله: {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}. أي أشد ألمًا وأدوم زمانًا.

وقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى}.

قال النسفي: (يريد أن قريشًا يمشون في مساكن عاد وثمود وقوم لوط ويعاينون آثار هلاكهم {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى} لذوي العقول، إذا تفكروا علموا أن استئصالهم لكفرهم فلا يفعلون مثل ما فعلوا).

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: ٤٦].

٢ - وقال تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٠)} [العنكبوت: ٤٠].

٣ - وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (٢٦)} [السجدة: ٢٦].

وخلاصة المعنى: أنَّ الأمة إذا عصت ربها وأصرّت على مخالفة أوامره سلّط الله عليها ألوان الذل والعذاب وهانت عليه، كما كان حال الأمم السالفة التي زلزلها الله بآثامها.

أخرج الطبراني والحاكم بسند صحيح عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إذا ظَهَرَ الزنا والرِّبا في قرية، فقد أحلوا بأنفسهم عذابَ الله] (٢).

وأخرج البيهقي في "شعب الإيمان"، وأبو نعيم في "الحلية" بسند صحيح عن عائشة مرفوعًا: [إذا ظهر السوء في الأرض أنزل الله عز وجل بأسه بأهل الأرض، وإن


(١) حديث صحيح. رواه الطبراني في "المعجم الصغير" رقم (١٠٣٣)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (٢٢١٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الحاكم والطبراني. انظر صحيح الجامع الصغير- حديث رقم - (٦٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>