للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان فيهم صالحون، يصيبهم ما أصاب الناس، ثم يرجعون إلى رحمة الله] (١).

وقوله تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى}. بيان لحكمة تأخير عذابهم مع ما ورد من الإشارة في الآية السابقة لاستحقاقهم ذلك العذاب.

قال ابن كثير: (أي: لولا الكلمة السابقة من الله، وهو أنه لا يعذِّبُ أحدًا إلا بعد قيام الحجَّة عليه - والأجلُ المسمى الذي ضربه الله تعالى لهؤلاء المكذبين إلى مدّةٍ مُعَيَّنة - لجاءهم العذاب بغتة).

وقوله: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}.

أي: فاصبر - يا محمد - على تكذيب قومك واتهامهم لك بالسحر والجنون وكلام الشَّعر، وعظِّم ربك بالثناء عليه والتسبيح والحمد قبل طلوع الشمس - وذلك صلاة الصبح - وقبل غروبها - وتلك صلاة العصر-.

وقد جاءت السنة الصحيحة بتأكيد هذا المعنى في أحاديث، منها:

الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم وأكثر أهل السنن عن جرير بن عبد الله البَجَليِّ رضي الله عنه قال: [كنا جلوسًا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: إنكم سترون ربكم كما تَرَوْنَ هذا القمر، لا تُضَامون في رُؤْيَتِه، فإن استطَعْتُم ألا تُغْلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا، ثم قرأ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: ٣٩]] (٢).

الحديث الثاني: أخرج مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده، عن أبي بَكْرِ بنِ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ، عن أبيه: قال: [سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لن يلجَ النارَ أحدٌ صَلَّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" يعني الفجر والعَصْرَ. فقال له رجل من أهل البصرة: آنْتَ سمعتَ هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. قال الرجل: وأنا أشهد أني


(١) حديث صحيح. أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٢/ ٤٤١/ ٢)، وأبو نعيم في الحلية (١٠/ ٢١٨)، ورواه أحمد في المسند (٦/ ٢٩٤)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٣٧٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥٥٤)، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، وأخرجه كذلك (٤٨٥١)، ورواه مسلم (٦٣٣)، وأبو داود (٤٧٢٩)، والترمذي (٢٥٥١)، وابن ماجة (١٧٧)، وأحمد (٤/ ٣٦٠)، وابن حبان (٧٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>