للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنقمة والعذاب {ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ}: ثم أحللت بهم العقاب بعد الإملاء {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} يقول: فانظر يا محمد كيف كان تغييري ما كان بهم من نعمة، وتنكري لهم عما كنت عليه من الإحسان إليهم، ألم أبدلهم بالكثرة قلة، وبالحياة موتًا وهلاكًا، وبالعمارة خرابًا؟ يقول: فكذلك فعلي بمكذّبيك من قريش، وإن أمليت لهم إلى آجالهم، فإني مُنْجِزك وعدي فيهم، كما أنجزت غيرك من رسلي وعدي في أممهم، فأهلكناهم، وأنجيتهم من بين أظهرهم).

وفي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إنّ الله لَيُمْلي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْه. قال: ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: ١٠٢]] (١).

وقوله: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ}.

أي: وكم -يا محمد- من قرية أهلكتها وهي مكذبة لرسولها، وتقوم على الكفر وفعل المعصية.

وقوله: {فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا}. قال الضحاك: (خواؤها: خرابها، وعروشها: سقوفها).

وقال قتادة: {خَاوِيَةٌ}: خربة ليس فيها أحد).

وقوله: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ}. أي: لا يُستقى منها، ولا يرِدُها أحد بعد أن كانت تعجّ بكثرة الواردين لها، والمزدحمين على السقاية منها.

وعن عطاء عن ابن عباس: ({وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} قال: التي تُرِكت، وقال غيره: لا أهل لها).

وعن قتادة قال: (عطلها أهلها، تركوها).

وقوله: {وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} - فيه أقوال متقاربة:

١ - عن عكرمة: ({وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} قال: مُجَصَّص). قال: (والجصّ بالمدينة يسمى الشِّيد).


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٦٨٦)، ومسلم (٢٥٨٣)، والترمذي (٣١١٠)، والبيهقي (٦/ ٩٤)، وأخرجه ابن ماجة (٤٠١٨)، وابن حبان (٥١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>