٢ - وعن مجاهد: ({وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} قال: بالقِصَّة أو الفضة). وقال: (بالقصة يعني بالجصّ).
٣ - قال قتادة: (كان أهله شيّدوه وحصَّنوه، فهلكوا وتركوه). وقال الضحاك: ({وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} يقول: طويل).
وكلها أقوال محتملة، وإنما العبرة من كل ما سبق أن شدة البناء والإحكام والتحصين والارتفاع لم تحم أهل القصر والبنيان من حلول بأس الله ونقمته بهم لما جاء أجلهم وحان وقت عذابهم مقابل تكذيبهم وبغيهم.
وقوله: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ}.
أي: أفلم يسيروا -هؤلاء المكذبون رسلهم الجاحدون قدرة ربهم على إحداث التغيير والدمار- فينظروا إلى مصارع ضربائهم وأمثالهم من الأمم الماضية المكذّبة الزائلة.
وقوله: {فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا}.
قال النسفي: (أي يعقلون ما يجب أن يعقل من التوحيد ونحوه، ويسمعون ما يجب سماعه من الوحي).
وقوله: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.
قال ابن كثير: (أي: ليس العمى عمى البصر، وإنما العمى عمى البصيرة، وإن كانت القوة الباصرةُ سليمةً فإنها لا تنفذ إلى العِبَر، ولا تدري ما الخبر).
فائدة: القلب مركز التفكير والفقه، وليس العقل الذي في الدماغ.
١ - قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: ١٧٩].
٢ - وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: ٤٦].
والحق أن الدماغ هو متأثر بالقلب الذي هو من جهة: مركز حياة الأبدان وموجه حركتها، وبتعطله تتعطل الحياة. ومن جهة ثانية: فهو مركز الفكر والعقل والفقه والوعي والفهم.