للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج. ثم تلا: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}] (١).

وقوله: {وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} - عام في أوليائه وأعدائه.

قال ابن جرير: (ولن يخلف الله وعده الذي وعدك فيهم، من إحلال عذابه ونقمته بهم في عاجل الدنيا، ففعل ذلك، ووفى لهم بما وعدهم، فقتلهم يوم بدر).

قلت: ووعد الله تعالى في الانتقام من أعدائه لا يقتصر على الدنيا، بل يشمل خزي يوم القيامة.

وقوله: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}.

قال ابن عباس: (من الأيام التي خلق الله فيها السماوات والأرض). وقال النسفي: (أي كيف يستعجلون بعذاب من يوم واحد من أيام عذابه في طول ألف سنة من سنيكم لأن أيام الشدائد طوال).

قال ابن كثير: (أي: هو تعالى لا يعجَلُ، فإنَّ مقدارَ ألفِ سنةٍ عند خَلْقِهِ كيوم واحدٍ عنده بالنسبة إلى حُكمِهِ، لعِلْمِهِ بأنَهُ على الانتقام قادر، وأنه لا يفوتُه شيء، وإن أجَّلَ وأنْظَرَ وأمْلَى).

وفي جامع الترمذي ومسند أحمد بسند حسن عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [يدخلُ فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم، خمس مئة عام] (٢).

وفي سنن أبي داود بسند صحيح عن سعد بن أبي وقاص: [أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إني لأرجو، أنْ لا تعجزَ أمتي عند ربها أن يؤخرهم نِصفَ يوم. قيل لسعد: وكم نصف ذلك اليوم؟ قال: خمس مئة سنة] (٣).

وله شاهد عنده من حديث أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [لَنْ يُعْجزَ الله هذه الأمةَ من نصف يوم] (٤).


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ١٤٥)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤١٤).
(٢) حديث حسن. أخرجه الترمذي في الجامع (٢٣٥٣) - (٢٣٥٤)، وأحمد في المسند (٢/ ٢٩٦)، والنسائي في "الكبرى" (١١٣٤٨)، وابن حبان (٦٧٦).
(٣) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٤٣٥٠)، كتاب الملاحم. وانظر صحيح سنن أبي داود (٣٦٥٦).
(٤) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٤٣٤٩)، كتاب الملاحم، باب قيام الساعة، من حديث أبي ثعلبة الخشني. انظر صحيح سنن أبي داود -حديث رقم- (٣٦٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>