الشيطاني فتنة للشاكين المنافقين والقاسية قلوبهم عن قبول الحق، ابتلاء لهم ليزدادوا عتوًا وإثمًا، ورحمة للمؤمنين ليزدادوا يقينًا وثباتًا.
وقوله:{وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}. أي: في ضياع وضلال ومخالفة وعناد عن قبول الحق والإذعان إليه.
وقوله:{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ}. هو إخبار من الله تعالى عن بعض حكمته من إنزال آيات القرآن، في دحض أمنيات الشيطان. قال ابن جريج:({وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}: يعني القرآن).
قال ابن جرير:(يقول تعالى ذكره: وكي يعلم أهل العلم بالله أن الذي أنزله الله من آياته التي أحكمها لوسوله، ونسخ ما ألقى الشيطان فيه، أنه الحق من عند ربك يا محمد، {فَيُؤْمِنُوا بِهِ}: يقول: فيصدقوا به، {فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ}: يقول: فتخضع للقرآن قلوبهم، وتذعن بالتصديق به، والإقرار بما فيه).
يدل على هداية التوفيق والإلهام، للثبات على الحق والإيمان، ضد محاولات كيد الشيطان.
قال النسفي:(فيتأولون ما تشابه في الدين بالتأويلات الصحيحة، ويطلبون لما أشكل منه المحمل الذي تقتضيه الأصول المحكمة حتى لا تلحقهم حيرة ولا تعتريهم شبهة).
أخرج البيهقي بسند حسن عن إبراهيم بن عبد الرحمن العُذري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [يحمل هذا العلم من كل خلف عُدولُه، ينفون عنه تحريفَ الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين](١).