في هذه الآيات: استمرارُ الكفار في الشك والريب من هذا القرآن حتى تنزل بهم ساعة النقمة فجأة أو عذاب يوم القيامة. إنه في ذلك اليوم يتفرد الله تعالى بالملك والحكم فالمؤمنون في جنات النعيم، والكفار في شقاء الجحيم.
فعن ابن جريج:({وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ} قال: من القرآن).
أي: لا يزال الكفار في شك وريب من هذا القرآن الذي أحكم الله آياته. واختاره ابن جرير.
وقوله:{حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً}. أي حتى تأتيهم ساعة النقمةِ فجأة، فيحلّ بهم بأس الله وسخطه. قال مجاهد:({بَغْتَةً}: فجأة). وقال قتادة ({بَغْتَةً}، بَغَتَ القومَ أمرُ الله، وما أخذ الله قومًا قط إلا عند سكرتهم وَغِرَّتهم ونعمتهم، فلا تغتروا بالله، إنه لا يغْتَرُّ بالله إلا القوم الفاسقون).
وقوله:{أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ}. قال مجاهد:(قال أبي بن كعب: هو يوم بدر) - واختاره ابن جرير. وقال مجاهد -في رواية أخرى- وعكرمة:(هو يومُ القيامة لا ليلةَ له).
قلت: والسياق يدل على القول الثاني، وهو وعيد القيامة وما يكون من الهول والمصيبة على الكفار في ذلك اليوم العقيم، ولذلك قال تعالى في الآية بعدها:{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ}. واختاره الحافظ ابن كثير وقال:(وهذا القولُ هو الصحيح -يشير إلى قول عكرمة ومجاهد- وان كان يوم بدر من جُملة ما أوعدوا به).
وقوله:{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ}. أي السلطان والحكم لله يوم يحشر الناس، ويوضع الميزان، ويكون القصاص.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة: ٤].