للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٦١) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٦٢)}.

في هذه الآيات: رَبْطُ نصر الله الغائب الموعود، بقدرته في هذا الكون المشهود، والله هو الحق وماذا بعد الحق إلا الضلال، سبحانه هو السميع البصير العلي الكبير.

فقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ}.

أي: ذلك النصر للمظلوم ممن بغى عليه هو بعض ما يجريه الله تعالى في هذا الكون من التدبير، فهو القادر على كل شيء، ومن آيات قدرته إيلاج الليل في النهار، والنهار في الليل: أي إدخاله مِنْ هذا في هذا، ومِنْ هذا في هذا، فتارة يطولُ الليل ويقصر النهار كما هو في الشتاء، وتارة يطولُ النهار ويقصر الليل كما هو في الصيف، ذلك بأنه خالق الليل والنهار ومصرفهما.

وقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.

قال النسفي: (فلا يخفى عليه ما يجري فيهما على أيدي عباده من الخير والشر والبغي والإنصاف، وأنه سميع لما يقولون ولا يشغله سمع عن سمع، وإن اختلفت في النهار الأصوات بفنون اللغات، بصير بما يفعلون ولا يستتر عنه شيء بشيء في الليالي، وإن توالت الظلمات).

وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ}. أي: الإله الحق الذي لا تصلح العبادة إلا له، ولا ينبغي التعظيم إلا إليه، فهو الخالق الواحد الأحد المهيمن القهار.

وقوله: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}.

أي: إنَّ كل ما عُبِدَ مِنْ غير الله باطل، من الأصنام والأوثان والطواغيت والشياطين.

وقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}.

قال ابن جرير: ({الْعَلِيُّ} ذو العلوّ على كل شيء، هو فوق كل شيء، وكل شيء دونه. {الْكَبِيرُ} يعني العظيم، الذي كل شيء دونه، ولا شيء أعظم منه).

وفي التنزيل من أدلة العلو:

١ - قال تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>