وقال النسفي:{وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} لأنه المخترع للخلق بلا مثال، المتكفل للرزق بلا ملال).
يروي ابن جرير في التفسير، وكذلك ابن أبي حاتم -واللفظ له- قال:(حَدّثنا أبو زُرْعةَ، حدثنا زيد بن بِشْر، أخبرني همَامٌ، أنه سمع أبا قبيل وربيعةَ بنَ سَيْفٍ المَعَافِرِيَّ يقولان: كنا بِرودِسَ، ومعنا فَضالةُ بن عُبَيد الأنصاري صاحبُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَمُرَّ بجنازتين، إحداهما قتيل والأُخرى مُتَوفّى، فمال الناسُ على القتيل، فقال فَضالة: ما لي أرى الناسَ مالُوا معَ هذا وتركوا هذا؟ ! فقالوا: هذا قتيلٌ في سبيل الله تعالى. فقال: والله ما أُبالي من أيِّ حُفْرتَيْهما بُعِثْتُ، اسمعوا كتاب الله:{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}).
وقوله:{لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ} - أي الجنان. وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وقوله:{وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ}. قال ابن عباس:(عليم بنياتهم، حليم عن عقابهم).
وعدٌ من الله تعالى المؤمنين بالنصر على المشركين الذين بغوا عليهم فأخرجوهم من ديارهم.
قال القرطبي:({ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ} أي بالكلام والإزعاج من وطنه، وذلك أن المشركين كذّبوا نَبيَّهم وآذَوا مَنْ آمن به وأخرجوه وأخرجوهم من مكة، وظاهروا على إخراجهم {لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} أي لينصرنَّ الله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فإن الكفار بغوا عليهم).
وقوله:{إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}.
أي: إنه تعالى ذو عفو وصفح عمن انتصر من ظالمه، غفور لما صَدَر من انتصاره مِمَّن ظَلَمه مثل ما فُعِل به من الظلم.