للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا}.

فيه أجر مفارقة العشائر والأوطان، والأهلين والخلّان، لإعلاء كلمة الحق ودين الرحمن، ولو كان ثمن ذلك الأرواح والأبدان.

قال النسفي: ({وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} خرجوا من أوطانهم مجاهدين {ثُمَّ قُتِلُوا} في الجهاد {أَوْ مَاتُوا} حتف أنفهم {لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا} قيل الرزق الحسن الذي لا ينقطع أبدًا).

وقد حفلت السنة العطرة بآفاق هذا الرزق الحسن في أحاديث:

الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [تَكَفَّلَ الله لِمَنْ جَاهَدَ في سبيله، لا يُخْرِجُهُ إلا الجهادُ في سبيله وتصديقُ كَلِماتِه، بأنْ يُدْخِلهُ الجَنَّةَ أو يرجِعَهُ إلى مَسْكَنِهِ الذي خرجَ منه مع ما نالَ من أجْرٍ أو غنيمة] (١).

الحديث الثاني: أخرج البخاري عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [انتدب الله لِمَنْ خرجَ في سبيله لا يُخْرجُه إلا إيمانٌ بي وتصديق بُرِسُلي أنْ أَرْجِعَهُ بما نالَ مِنْ أَجْرٍ أو غنيمة أو أدخِلَهُ الجنة، ولولا أَنْ أَشقَّ على أمتي ما قَعَدْتُ خَلْفَ سَريّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أني أقتل في سبيل الله، ثم أُحْيَا، ثم اقْتَلُ ثم أُحْيَا ثم أقتلُ] (٢).

الحديث الثالث: أخرج أبو داود بسند صحيح عن أبي أمامة الباهلي، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [ثلاثة كُلُّهم ضامِن على الله عز وجل، رجلٌ خرج غازيًا في سبيل الله، فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة، أو يرده بما نال من أجر وغنيمة، ورجل راح إلى المسجد فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة، ورجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله عز وجل] (٣).

وقوله: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}.

قال ابن جرير: (يقول: وإن الله لهو خير من بسط فضله على أهل طاعته وأكرمهم).


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٧٤٥٧)، كتاب التوحيد، ورواه مسلم وغيره.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٦)، كتاب الإيمان، باب: الجهادُ من الإيمان. وانظر الحديث (٢٧٨٧)، ) (٢٧٩٧، (٧٢٢٧) منه.
(٣) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٢٤٩٤)، كتاب الجهاد، وانظر صحيح سنن أبي داود (٢١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>