للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.

قال ابن عباس: (الحرج: الضيق، فجعل الله الكفارات مَخْرجًا من ذلك).

وقال أبو العالية: (إن الله لم يضيق عليكم، لم يجعل عليكم في الدين من حرج).

وقال الضحاك: (جعل الدين واسعًا، ولم يجعله ضيقًا).

قلت: ويشمل هذا على ما رخّصَ الله لعباده في حالات الحرج من مرض أو ضيق أو عجز أو بعض ما يكون من ذلك في الحضر والسفر.

وأمثلة ذلك كثيرة: في الاستنجاء والوضوء أو التيمّم والصلاة وما يكون في السفر من قصر وجمع، وكذلك جمع في الحضر حالة الضيق أو الحرج، وفي الصيام والحج وبعض أنواع البيوع والمعاملات والتي تدل بمجموعها على مرونة هذا الدين واستيعابه لكل أحوال العباد.

ومن أحاديث السنة العطرة في ذلك:

الحديث الأول: روى النسائي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فَلْيَسْتَطِبْ بها فإنها تجزئ عنه] (١).

الحديث الثاني: أخرج الترمذي والنسائي بسند حسن عن صفوان قال: [كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا إذا كنا سفرًا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط وبول ونوم] (٢).

الحديث الثالث: أخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عباس قال: [جمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر] (٣).

قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: (أراد أن لا يحرج أمته).

الحديث الرابع: أخرج النسائي والطبراني بسند حسن عن ابن عمر قال: قال


(١) حديث صحيح. أخرجه النسائي (١/ ٤٢)، وأبو داود (٤٠/ ٦١/ ١)، وانظر صحيح النسائي (٤٣).
(٢) حديث حسن. أخرجه الترمذي (٩٦/ ٦٥/ ١)، والنسائي (١/ ٨٤)، وسنده حسن.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه (٧٠٥/ ٤٨٩/ ١)، والنسائي في السنن (١/ ٢٩٠)، وأخرجه كذلك أبو داود في السنن (١١٩٨/ ٧٧/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>