وقوله:{حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي}. قال ابن كثير:(أي: حَمَلَكُم بغضُهم على أن نسيتم مُعَاملتي).
وقوله:{وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ}. أي استهزاء من عبادتهم وحرصهم على إرضاء ربهم.
وقوله تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (١١١)}. انتصار آخر من الله تعالى وبشارة للمؤمنين.
قال ابن جرير:(يقول تعالى ذكره: إني أيها المشركون بالله المخَلَّدون في النار، جزيت الذين اتخذتموهم في الدنيا سخريًا من أهل الإيمان بي، وكنتم منهم تضحكون. {الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا} على ما كانوا يلقَون بينكم من أذى سخريتكم وضحككم منهم في الدنيا، أنهم هم الفائزون).
والمقصود: هذا يوم ثواب صبر المؤمنين على الأذى في سبيل علو أمر دينهم، وتحديهم للطغاة في إقامة ما أمرهم به ربهم ونالهم بسببه الأذى، فهم اليوم أصحاب الظفر الفائزون بجنات الخلود والنعيم المقيم.
في هذه الآياتِ: اعترافُ المشركين يوم الحشر بمكثهم في الحياة الدنيا يومًا أو بعض يوم، وتقريعُ الباري عز وجل لهم بظنهم أنهم إليه لا يرجعون، فتعالى الله الملك الإله الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم، فإنه من يشرك بالله كان من الأشقياء الخاسرين، وأما المؤمنون فإنهم في ابتهال إلى الله ودعاء ورجاء ليكونوا بإذنه تعالى من عباده المرحومين.