قال ابن كثير:(أي: مُدَّةً يسيرة على كل تقدير {لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، أي: لما آثرتم الفاني على الباقي، ولما تَصَرَّفتم لأنفسكم هذا التصرف السيِّئ ولا استحققتم من الله سُخطَه في تلك المدة اليسيرة، ولو أنكم صبرتم على طاعة الله وعبادته كما فعل المؤمنون لَفُزْتُم كما فَازوا).
والمقصود: سَتُخْتَزَلُ الحياة الدنيا بجميع أفراحها وآلامها في بعض يوم من أيام الحياة الآخرة، وسيعلم الكافرون ضخامة الجُرم الذي صنعوه إذ خسروا الصفقة وضيعوا العمر بالكفر والشهوات، فأورثهم ذلك شقاء سرمديًا يوم القيامة.
وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [يُوْتى بِأَنْعَمِ أهل الدنيا، مِنْ أهلِ النار، يومَ القيامة، فَيُصْبَغُ في النار صَبْغَةً، ثم يُقال: يا ابن آدم! هل رأيت خيرًا قط؟ هل مَرَّ بكَ نعيمٌ قطُ؟ فيقول: لا، والله! يا ربِّ! وَيُؤتى بأشَدِّ الناس بُؤْسًا في الدنيا، مِنْ أهل الجَنَّةِ، فَيُصبَغُ صَبْغَة في الجَنَّة، فيقال له: يا ابن آدَمَ! هَلْ رأيْتَ بُؤسًا قَطُّ؟ هل مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيقولُ: لا، والله! يا رب! ما مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، ولا رأيتُ شِدَّةً قطُّ](١).
(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٨٠٧) - كتاب صفات المنافقين، باب صبغ أنعم أهل الدنيا في النار، وصبغ أشدهم بؤسًا في الجَنَّة.