{يَرْمُونَ}: أي يقذفون بالزنى. و {الْمُحْصَنَاتِ}: أي المسلمات الحرائر العاقلات البالغات العفيفات عن الزنى. فيه بيان حد القذف، فمن قذف مسلمًا، وليس لديه أربعة شهداء عدول يشهدون أنهم رأوه - أو رأوها - على الزنا، حُدَّ ثمانين جلدة، ولم تقبل شهادته أبدًا في أي واقعة كانت، لظهور كذبه.
قال القاسمي:(وتخصيص النساء لخصوص الواقعة، ولأن قذفهن أغلب وأشنع. وإلا فلا فرق فيه بين الذكر والأنثى). وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:[اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات](١).
وقوله:{وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. قال ابن زيد:(الكاذبون).
وقوله تعالى: ({إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. أي: إلا الذين تابوا من بعد القذف وأصلحوا أعمالهم، فإن الله تعالى غفور رحيم، يقبل توبتهم ويعفو عنهم.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": (ذهب الجمهور إلى أن شهادة القاذف بعد التوبة تقبل. ويزول عنه اسم الفسق. سواء كان بعد إقامة الحد أو قبله، لقوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا}. روى البيهقي عن ابن عباس في هذه الآية: فمن تاب فشهادته في كتاب الله تقبل. وتأولوا قوله تعالى:{أَبَدًا} على أن المراد ما دام مصرًّا على قذفه. لأن "أبد كل شيء" على ما يليق به).
وقال الزمخشري: (والذي يقتضيه ظاهر الآية ونظمها، أن تكون الجمل الثلاث بمجموعهن جزاء الشرط. كأنه قيل: ومن قذف المحصنات فاجلدوهم، وردّوا شهادتهم وفسّقوهم. أي فاجمعوا لهم الجلد والرد والتفسيق، إلا الذين تابوا عن
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥/ ٢٩٤) في الوصايا، وأخرجه مسلم (٨٩) في الإيمان.