القذف وأصلحوا، فإن الله يغفر لهم، فينقلبون غير مجلودين ولا مردودين ولا مُفَسَّقين).
وفي صحيح البخاري في "كتاب الشهادات" - باب شهادة القاذف والسارق والزاني - عن عمر رضي الله عنه، أنه جَلَدَ أبا بكرة وشبل بن معبد ونافعًا، بقذف المغيرة بالزنى، لما شهدوا بأنهم رأوه متبطن المرأة. ولم يَبُتَّ زيادٌ الشهادة. ثم استتابهم وقال: من تاب قبلتُ شهادته. وفي رواية قال لهم: من أكذب نفسه قبلت شهادته فيما يستقبل. ومن لم يفعل، لم أجز شهادته. فأكذب شبل نفسه ونافع. وأبى أبو بكرة أن يرجع.
وقد ذهب الإمام مالك والشافعي وأحمد بن حنبل إلى أنه إذا تاب قُبلت شهادته، وارتفع عنه حكم الفسق. وخالف أبو حنيفة وذهب إلى أن الفسق يرتفع بالتوبة ويبقى مردودَ الشهادة أبدًا، وما عليه الجمهور أقرب وأرجح، والله تعالى أعلم.
في هذه الآياتِ: تشريع الملاعنة، إذا قذف الرجل زوجته ولا شهود له فيحضرها إلى الإمام فيدعي عليها بذلك، فَيُحْلِفُه الحاكم أربع شهادات بالله في مقابلة أربعة شهداء، إنه لصادق في رميه إياها بالزنا. والخامسة أن لعنة الله عليه إن كذب في دعواه، فإذا قال ذلك بانت منه وتوجه عليها حدّ الزنا. ويدرأ عنها الحد أن تُلاعن فتشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به. {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}. ولولا لطفُ الله ورحمته ومنّه على المؤمنين ما شرع هذا الفرج من الضيق والخلاص من الحرج، وهو مع ذلك تواب لما يجترحه عباده من الآثام، رحيم بهم إذا أقبلوا عليه وأنابوا إليه، حكيم في أقواله وأفعاله وتشريعه.
أخرج البخاري ومسلم وأحمد ومالك وأكثر أهل السنن عن سهل بن سعد: [أن