للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيده عجائب الآيات يريها خلقه ليؤمنوا به وما هو بغافل عما يعملون.

فقوله: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا}. قال قتادة: (يعني مكة).

وإضافة الربوبية إلى البلدة على سبيل التشريف لها كقوله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: ٣ - ٤].

قال ابن جرير: ({الَّذِي حَرَّمَهَا} على خلقه أن يسفكوا فيها دمًا حرامًا، أو يظلموا فيها أحدًا، أو يصاد صيدها، أو يختلى خلاها دون الأوثان التي تعبدونها أيها المشركون).

وفي الصحيحين عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته عام الفتح: [لا هجرة، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا، فإن هذا بلا حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، وهو حرام بِحُرْمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يَحِلَّ القتالُ فيه لأحدٍ قبلي، ولا يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يُعْضَدُ شوكُهُ ولا يُنَفَّرُ صَيْدُه، ولا يُلْتَقَطُ لُقَطَتُهُ، إلا من عرَّفها، ولا يُخْتَلى خَلاها، إلا الإذخِرَ] (١).

وقوله: {وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ}. قال ابن كثير: (من باب عطف العام على الخاص، أي: هو ربُّ هذه البلدة، وربُّ كلِّ شيء ومليكُهُ لا إله إلا هو).

وقوله: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}. قال القرطبي: (أي من المنقادين لأمره، الموحِّدين له).

وقوله: {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ}. أي: وأمرت أن أقرأ القرآن وأرتله وأتدبره، وأن أتلوه على الناس لأبلغهم.

وقوله: {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ}.

قال النسفي: ({فَمَنِ اهْتَدَى} باتباعه إياي فيما أنا بصدده من توحيد الله ونفي الشركاء عنه والدخول في الملة الحنيفية واتباع ما أنزل عليّ من الوحي {فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ} فمنفعة اهتدائه راجعة إليه لا إليّ {وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ} أي: ومن ضل ولم يتبعني فلا عليّ وما أنا إلا رسول منذر وما على الرسول إلا البلاغ المبين).


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (١٨٣٤)، كتاب جزاء الصيد، وأخرجه مسلم (١٨٦٤) نحوه، كتاب الإمارة، والإذخر: نبات طيب الرائحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>