قال قتادة:(يستعبد طائفة منهم، ويذبح طائفة، ويقتل طائفة، ويستحي طائفة).
قال ابن كثير:({يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ}، يعني بني إسرائيل. وكانوا في ذلكَ الوقت خيارَ أهل زَمانِهم. هذا وقد سُلِّطَ عليهم هذا الملكُ الجبَّار العَنيد يَسْتَعْمِلهم في أخَسِّ الأعمال، ويَكُدُّهم ليلًا ونهارًا في أشغاله وأشغال رَعيَّتِهِ، ويقتلُ مع هذا أبناءهم ويَسْتَحيى نِساءَهم، إهانةً لهم واحتقارًا، وخَوْفًا مِنْ أَنْ يُوجَدَ منهم الغلامُ الذي كان قد تخوَّفَ هو وأهلُ مَمْلَكَتِهِ مِنْ أَنْ يُوجَد منهم غلامٌ يكونُ سَبَبُ هَلاكِهِ وذهابُ دولتِهِ على يديهِ. وكانت القِبطُ قد تَلَقَّوا هذا من بني إسرائيل فيما كانوا يَدْرُسُونه من قولِ إبراهيم الخليل، حينَ ورَدَ الديار المصريَّة، وجَرَى لهُ مَع جَبَّارها ما جَرى، حين أخَذَ سارَة ليَتَّخِذَها جاريةً، فصَانَها الله منه، ومَنَعها منه بقدرته وسُلْطانِهِ. فبشَّر إبراهيم - عليه السلامُ - ولَده أنه سَيُولَدُ مِنْ صُلْبِهِ وَذُرِّيَتِهِ مَنْ يكون هلاك مَلِكِ مِصرَ على يديهِ، فكانتِ القبطُ تتحدَّثُ بهذا عند فِرْعَونَ، فاحترز فِرعونُ مِنْ ذلكَ، وأَمر بِقَتْل ذُكورِ بني إسرائيل. ولن ينفعَ حَذَرٌ من قَدَر، لأنَّ أجل الله إذا جاء لا يُؤخَّرُ، ولكل أَجَلٍ كتابٌ).
وقوله تعالى:{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}. أي: ونريد أن نتفضل على المؤمنين الذين استضعفوا من بني إسرائيل ونحدث الشوكة لهم.
قال قتادة:(بنو إسرائيل {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} أي: ولاة الأمر {وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}: أي: يرثون الأرض بعد فرعون وقومه).
وقوله:{وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ}. قال ابن جرير:(يقول: ونوطئ لهم في أرض الشام ومصر).