للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ}. قال القرطبي: (أي لا تعمل بالمعاصي).

وقال ابن جرير: (يقول: ولا تلتمس ما حرَّم الله عليكَ من البغي على قومك. {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} يقول: إن الله لا يحب بُغاة البغي والمعاصي).

وقوله: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}. قال قتادة: (على خبر عندي).

وقال ابن زيد: (قال: لولا رضا الله عني ومعرفته بفضلي ما أعطاني هذا).

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} [الزمر: ٤٩] أي: على عِلم من الله بي وباستحقاقي وفضلي.

٢ - وقال تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} [فصلت: ٥٠].

وإنما هذه فتنة واستدراج من الله تعالى للمغرورين والمستكبرين يعقبها النقمة وحلول العذاب.

فقد أخرج الإمام أحمد في المسند، وابن جرير في "التفسير" بسند صحيح عن عقبة ابن عامر مرفوعًا: [إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج. ثم تلا: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}] (١).

وقوله: {أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا}.

أي: لو كان الله يعطي الأموال والقوة كُلَّ من يحب، لما أهلك أرباب الأموال وأصحاب القوة عبر الزمان. قال ابن كثير: (أي: قد كان من هو أكثرُ منه مالًا وما كانَ ذلكَ عن محبَّةٍ منا له، وقد أهلكهم الله مع ذلكَ بكفرهم وعدم شكرهم، ولهذا قال: {وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ}، أي: لكثرةِ ذنوبهم).


(١) حديث صحيح. أخرجهُ أحمد (٤/ ١٤٥)، وابن جرير في "التفسير" (٧/ ١١٥)، وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (٤/ ١١٥): "رواه أحمد والطبراني والبيهقي في "الشعب" بسند حسن". وانظر السلسلة الصحيحة (٤١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>