للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [بينما رجلٌ يَجُرُّ إزارَهُ من الخُيلاء خُسِفَ بهِ فهو يتجَلْجَلُ في الأرض إلى يومِ القيامة] (١).

وفي صحيح البخارى عن أبي هريرة يقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: [بينما رجلٌ يمشي في حُلّةٍ تُعْجبُهُ نفسُهُ، مُرَجِّلٌ جُمَّتَه، إذ خَسَفَ اللهُ به، فهو يَتجَلْجَلُ إلى يوم القيامة] (٢).

وقوله: {فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ}.

أي: فلم يكن له جند يستنجد بهم، ولا فئة يرجع إليهم، يلتمس منهم النجدة والنصر، ولا كانَ هو ممن ينتصر من الله إذ أنزل عليهِ سخطه وأحلَّ بهِ نقمته.

قال قتادة: ({فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ} أي جند ينصرونه، وما عنده منعة يمتنعُ بها من الله).

وقوله: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ}.

قال قتادة: ({وَيْكَأَنَّهُ} ألم تر أنه). وفي رواية: (أولا يعلمُ أنه). وقيل: {وَيْكَأَنَّ}: معناها: "ويلك اعلم أنّ". وقيل: "وي" للتعجب أو التنبيه، وكأنَّ: بمعنى أحسب وأظن.

والمقصود: فلما رأى الذين تمنوا زينة قارون بالأمسِ ما حَلَّ به من سخط الله ونِقمتهِ علموا أن المال ليس بدال على رضا الله عن صاحبهِ، فإنه تعالى قد يعطي المال استدراجًا لعصاة عباده، فهو الذي يُضَيِّق ويوسِّع، ويخفض ويرفع، ويعطي ويمنع، وإنما يقسم الأرزاق بين عباده بحكمته جل ثناؤه.

أخرج الإسماعيلي في "المعجمِ" بسند صحيح عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إنَّ الله قسَمَ بينكم أخلاقكم كما قسَمَ بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحبُّ ومن لا يحبُّ، ولا يعطي الإيمان إلا من أَحبَّ، فمن ضنَّ بالمال أن ينفقَه، وخافَ


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٤٨٥)، كتاب أحاديث الأنبياء، وكذلكَ (٧٥٩٠)، كتاب اللباس، ورواه مسلم (٢٠٨٨) من حديث أبي هريرة بنحوه.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥٧٨٩)، كتاب اللباس. باب من جرَّ ثوبَهُ من الخيلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>