للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما تردَّدت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته] (١).

لقد بلغت العلاقة بين المؤمن وربه عز وجل حالة من الرقي والازدهار، بحيث يتردَّد سبحانه عن أمر قد يسيء لعبده وهو لا يحب مساءته، إذ أصبح وليًا لله من عباده المؤمنين الصالحين الذي أصبحت جوارحهم وقلوبهم تتحرك بالحق ولا تُشغل بسواه.

الحديث الثاني: يروي الترمذي بسند صحيح عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إذا أحبَّ الله عبدًا نادى جبريل: إني قد أحببت فلانًا فأحِبَّه، فينادي في السماء، ثم تُنزل له المحبة في الأرض، فذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: ٩٦]. وإذا أبغض الله عبدًا نادى جبريل: إني أبغضت فلانًا، فينادي في السماء ثم تُنزل له البغضاء في الأرض] (٢).

الحديث الثالث: يروي الترمذي كذلك بإسناد صحيح عن قتادة بن النعمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إذا أحبَّ الله عبدًا حماه في الدنيا كما يحمي أحدكم سقيمه الماء] (٣).

وقوله: {وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}. أي: معهم بصفاته: بتأييده ونصره وتوفيقه.

قال القرطبي: (هو سبحانه معهم بالنصرة والمعونة، والحفظ والهداية، ومع الجميع بالإحاطة والقدرة. فبين المعيَّتَين بونٌ).

تم تفسير سورة العنكبوت بعون الله وتوفيقه، وواسع منِّه وكرمه


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٤/ ٢٣١)، والبغوي في "شرح السنة" (١/ ١٤٢/ ٢)، ويشهد له ما في مسند أحمد (٦/ ٢٥٦).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٣٣٨٤) - كتاب التفسير. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٥٢٨).
(٣) حديث صحيح. أخرجه الترمذي في السنن (٢١٢٣) - أبواب الطب، باب ما جاء في الحِمية، وانظر صحيح سنن الترمذي (١٦٥٩)، وتخريج: "مشكاة المصابيح" (٥٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>