للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دينه. فإن كانَ في دينه صلابة: زيد في بلائه. وإنْ كان في دينهِ رِقّة: خُفِّف عنه. وما يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على وجه الأرض وليسَ عليه خطيئة". وحينئذ فيحتاج من الصبر ما لا يحتاجُ إلى غيره. وذلكَ هو سبب الإمامة في الدين، كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}. فلا بد من الصبر على فعل الحسن المأمور بهِ، وعلى ترك السيِّئ المحظور المنهي عنه). ثم قال: (ويدخل في ذلك: الصبر على الأذى، وعلى ما يقال. والصبر على ما يصيبه من المكاره، والصبر عن البَطَر عند النعم، وغير ذلك من أنواع الصبر).

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} [هود: ١١٦].

٢ - وقال تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: ٣٥].

٣ - وقال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: ٣٥].

وفي صحيح السنة العطرة في آفاق ذلكَ أحاديث:

الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن المغيرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين، حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون] (١).

الحديث الثاني: خرّج مسلم في صحيحه عن ثوبان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك] (٢).

الحديث الثالث: أخرج ابن نصر في "السنة" بسند صحيح من حديث عتبة بن غزوان، وكان من الصحابة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [إنَّ من ورائكم أيام الصبر،


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤/ ١٨٧)، (٨/ ١٤٩)، (٨/ ١٨٩)، ومسلم (٦/ ٥٣)، وأخرجه أحمد في المسند (٤/ ٢٤٤)، (٤/ ٢٤٨)، (٤/ ٢٥٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٦/ ٥٢ - ٥٣)، وأبو داود (٢/ ٢٠٢)، والترمذي (٢/ ٣٦)، وابن ماجة (٢/ ٤٦٤ - ٤٦٥)، وأحمد (٥/ ٢٧٨ - ٢٧٩)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>