للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مساكنهم بعد نزول الهلاك بهم لعظات ودلالات وعبرًا. فهل يسمعون أخبار من هلك قبلهم ومضى بحلول العذاب والدمار.

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: ٤٥ - ٤٦].

٢ - وقال تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: ٩٨].

وفي صحيح سنن ابن ماجة عن عبيد الله بن جرير، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ما مِنْ قومٍ يُعْمَلُ فيهم المعاصي، هُمْ أَعَزُّ مِنْهُمْ وأَمْنَعُ، لا يُغَئرونَ، إلا عَمَّهُم الله بعقاب] (١).

وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ}. أي التي لا نبات فيها.

قال الضحاك: (ليس فيها نبت). وقال ابن زيد: (الأرض الجرز: التي ليس فيها شيء، ليس فيها نبات). ومنه قوله تعالى: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا} [الكهف: ٨] أي: يَبَسًا لا تنبتُ شيئًا.

وقوله: {فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ}.

تنبيه على تلطفه سبحانه بعبادهِ، كيف يرسل الماء من السماء أو مما تحمله الأنهار وتتحدّرُ بهِ الجبال إلى الأراضي المحتاجة إليهِ، فيخرجُ الله تعالى به الزرع والثمار، ويسقي به البهائمَ والأبدان المحتاجة إليه.

قال ابن جَرير: (يقول تعالى ذكره: فنخرج بذلكَ الماء الذي نسوقه إليها على يبسها وغلظها وطول عهدها بالماء زرعًا خضرًا تأكل منه مواشيهم، وتغذى به أبدانهم وأجسامهم فيعيشون بهِ {أَفَلَا يُبْصِرُونَ} يقول تعالى ذكره: أفلا يرون ذلكَ بأعينهم، فيعلموا برؤيتهموه أن القدرة التي بها فعلت ذلكَ لا يتعذّر عليّ أن أُحيي بها الأموات وأُنشرهم من قبورهم، وأعيدهم بهيئاتهم التي كانوا بها قبل وفاتهم).


(١) حديث حسن. أخرجه ابن ماجة في السنن (٤٠٠٩)، كتاب الفتن. باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وانظر صحيح سنن ابن ماجة (٣٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>