للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهذه القِسْمة وَجْهُ الله، فقلت: لأخْبِرَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: رحم الله موسى قَدْ أوذيَ بأكثرَ مِنْ هذا فصَبَرَ] (١).

وقوله: {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}. أي صاحب وَجَاهَةٍ وَجَاهٍ وقَدْرٍ عند ربه تعالى.

قال الحسن البصري: (كان مستجاب الدعوة عند الله). وقال بعض السلف: [لم يسأل الله شيئًا إلا أعطاه، ولكن مُنِعَ الرؤية لما يشاء الله - عز وجل -).

وقال بعضهم: (من وجاهته العظيمة أنه شفع في أخيه هارونَ أن يُرسِلَهُ الله معه، فأجاب الله سُؤْلَهُ، وقال: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (٥٣)} [مريم: ٥٣].

والوجيه في كلام العرب: من وَجُهَ إذا صار وجيهًا، أي: ذا جاه وقَدر. ووجوه البلد أشرافه. قال الزمخشري: ({وَجِيهًا} أي ذا جاه ومنزلة عنده. فلذلك كان يميط عنه التهم ويدفع الأذى ويحافظ عليه لئلا يلحقه وصم ولا يوصف بنقيصة، كما يفعل الملك بمن له عنده قربة ووجاهة).

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}.

أمْرٌ من الله عباده المؤمنين بلزوم منهج التقوى والقول السديد الذي فيه نصرة الحق وزهوق الباطل.

قال ابن عباس: (من سَرَّه أن يكونَ أكرم الناس فليتق الله). وقال عكرمة: (القول السديد: لا إله إلا الله). وقال مجاهد: {وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} يقول: سدادًا). وقال قتادة: (أي عدلًا. يعني به في منطقه وفي عمله كله. والسديد: الصدق). وجميع ما سبق داخل تحت مفهوم الآية وبيانها.

وقوله: {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}.

قال القرطبي: (وعد جل وعز بأنه يجازي على القول السداد بإصلاح الأعمال وغفران الذنوب، وحسبك بذلك درجة ورفعة منزلة).

وقوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.

أي: ومن يصدق الله طاعته ومتابعة رسوله فقد ظفر بالكرامة العظمى من الله.


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٣٣٦)، كتاب المغازي، باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان، وانظر الحديث (٣١٥٠)، كتاب فرض الخمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>