للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ بعضهم {ليأتينكم} بالياء، أي البعث. والقراءة الأولى أشهر بين القراء.

وقوله: {عَالِمِ الْغَيْبِ}. قرأه قراء المدينة بالضم "عالمُ" وهي قراءة نافع وابن كثير على الابتداء. وقرأه بعض قراء الكوفة والبصرة "عالمِ" بالجر، وهي قراءة عاصم وأبي عمرو. وقرأ بقية قراء الكوفة: "علَّام" وهي قراءة حمزة والكسائي على المبالغة.

ومن قرأها بالرفع كان الخبر قوله: {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ}. قال ابن عباس: (لا يغيب عنه).

قال الحافظ ابن كثير: (أي الجميع مندرج تحت علمه فلا يخفى عليه شيء، فالعظام وإن تلاشت وتفرقت وتمزقت فهو عالم أين ذهبت وأين تفرقت، ثم يعيدها كما بدأها أول مرّة فإنه بكل شيء عليم).

وقوله: {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}.

يقال: عَزَبَ يعزُبُ ويعزِبُ إذا بَعُدَ وغاب. قال الفراء: (والكسر أحبَّ إلي) أي يعزِب. حكاه القرطبي. وقوله: {مِثْقَالُ ذَرَّةٍ}. قال ابن جرير: (زنة ذرة في السماوات ولا في الأرض. لا يغيب عنه شيء من زنة ذرة فما فوقها فما دونها أين كان في السماوات ولا في الأرض: {إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}. يقول: هو مثبت في كتاب يبين للناظر فيه أن الله تعالى ذكره قد أثبته وأحصاه وعلمه فلم يعزب عن علمه).

وفي قراءة الأعمش: {ولا أصغرَ من ذلك ولا أكبرَ} بالفتح، والرفع أشهر عند القراء.

وقوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}.

لقد أثبت ذلك سبحانه في الكتاب المبين كي يثبت الذين آمنوا بالله ورسوله - وعملوا بما أمرهم الله ورسوله به، وانتهوا عما نهاهم عنه - على طاعتهم ربهم والقيام بواجبات دينهم، حتى يَحْظَوا بمغفرة ذنوبهم والرزق الكريم وهو الجَنَّة ونعيمها.

قال قتادة: {أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ}: لذنوبهم {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}: في الجَنَّة).

وقوله: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} - فيه تأويلان:

التأويل الأول: {مُعَاجِزِينَ}. أي لا يعجزون. قاله قتادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>