في هذه الآياتِ: كل الحمد لله والشكر كله له، فلا تصلح العبادة إلا له، فهو مبدع السماوات والأرض من العدم، ومنشئ الملائكة بأجنحة يطيرون بها، جعلهم رسلًا بينه وبين أنبيائه ليبلغوا عنه مراده من أمره أو نهيه، منهم من له جناحان ومنهم من له ثلاثة أو أربعة، فيزيد كما يشاء في الخلق، فهو القدير لا شبيه له في قدرته، ومفاتيح الخير ومغاليقه كلها بيده، فما يفتح لا مغلق له، وما يغلق لا فاتح له، فعنده خزائن السماوات والأرض يبسط الرزق بحكمته، فاذكروا أيها المشركون من قريش نعم الله عليكم، وتفكروا هل من خالق سواه يبسط ويغلق؟ ! فافردوه بالتوجه والعبادة، فقد كذب أمم قبلكم فهلكوا، فمردكم جميعًا إلى الله، ولا يغرنكم ما أنتم فيه من العيش والملك، فإنما ذلك زائل فلا يبقى ملك ولا سلطان، وإنما ذلكم الشيطان يريد أن يوقعكم في مصائده لتهلكوا وتكونوا من أصحاب السعير.
وقوله:{فَاطِرِ} بالجر، صفة لله سبحانه. وقيل يجوز فيها الرفع والنصب، حكاه القرطبي. فبالرفع تكون خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره "هو"، وبالفتح تكون منصوبة على المدح.