للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد] (١).

فوصل عليه الصلاة والسلام نسب التوحيد بعضه ببعض، وأكد الصلة مع إمام المنهج إبراهيم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

وفي قوله تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} أكثر من تأويل عند المفسرين:

التأويل الأول: أي سلام على الذين بلغوا عن الله تعالى التوحيد والرسالة.

فهو سلام حفظه الله للأنبياء والرسل على ألسنة المؤمنين إلى يوم القيامة. كما سبق بحديث الإمام البيهقي عن أبي هريرةَ، قَوْلُه عليه الصلاة والسلام: [صلوا على أنبياء الله ورسله، فإن الله بعثهم كما بعثني].

التأويل الثاني: أي مَدْحٌ لهم من الله جل وعز، وثناء على رفعة الوصف الذي وصفوه به سبحانهُ متحدين به الكافرين والمستهزئين الذين ينسبون إلى الله البنات والولد والنقائص والعيوب.

قال ابن كثير: (فسبحان ذي العزة التي لا ترام عن قولِ هؤلاء المعتدين المفترين، وسلام الله على المرسلين في الدنيا والآخرة لسلامة ما قالوه في ربهم وصحته وحقّيته). وقال القاسمي: (أي سلام وأمان وتحية على المرسلين المبلغين رسالات ربهم). وقال النسفي: (اشتملت السورة على ذكر ما قاله المشركون في الله ونسبوه إليه مما هو منزه عنه، وما عاناهُ المرسلون من جهتهم وما خولوه في العاقبة من النصرة عليهم، فختمها بجوامع ذلكَ من تنزيِه ذاته عما وصفه به المشركون، والتسليم على المرسلين، والحمدُ لله رب العالمين على ما قيض لهم من حسن العواقب، والمراد تعليم المؤمنين أن يقولوا ذلكَ ولا يَخُلّوا به ولا يغفلوا عن مضمنات كتابه الكريم ومودعات قرآنه المجيد).

التأويل الثالث: أي أمن لهم من الله جل وعز يوم الفزع الأكبر.

قال ابن جرير: (وأمنة من الله للمرسلين الذين أرسلهم إلى أممهم الذين ذكرهم في هذه السورة وغيرهم من فزع يوم العذاب الأكبر وغير ذلك من مكروه أن ينالهم من قِبل الله تبارك وتعالى).


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد والنسائي بإسناد صحيح من حديث زيد بن خارجة. ورواه ابن سعد والطبراني في الكبير. انظر صحيح الجامع (٣٦٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>