للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذكرها، لئلا نزيغ في معرفته ونخوض في أوحال الفلسفة ومتاهات الرأي والقول على الله بغير علم، فسبحانَ من نزه نفسهُ ووصفها بما يحب، وكل الحمد له جل ثناؤه أن علّمنا ما يُحِبُّ، ودلّنا على ما لا يُحِبّ، حُبًّا منه لنا لنصل إلى ما نحبّ. كما قال جل ثناؤه في سورة النساء، يصف مصير ومستقبل المؤمنين به كما وصف نفسه والمنزهين له عن النقائص والفحشاء: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا}.

أخرج الطبراني في "الكبير"، وابن حبان في صحيحه، بسند صحيح عن أبي شريح الخزاعي قال: [خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبشروا أبشروا، أليسَ تشهدون أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ قالوا: نعم. قال: فإن هذا القرآن سببٌ طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدًا] (١).

وروى البزار بسند صحيح - موقوفًا - عن عبد الله بن مسعود قال: [إن هذا القرآن شافعٌ مشَفَّعٌ، من اتبعه قاده إلى الجنة، ومن تركه أو أعرض عنه زُخَّ (٢) في قفاه إلى النار] (٣).

وكل ما سبق في معنى المد مراد، فهم يعمّ إرساله تعالى الرسل ونصرهم وإهلاك عدوهم، كما يعمّ تبرئة وتنزيه نفسه سبحانه، وما هدانا له من العلم عنه وعن أسمائه وصفاته، فالحمدُ لله أولًا وآخرًا، والصلاة على أنبيائه ورسله، والسلام على أتباعهم والقائمين على منهاجهم إلى يوم القيامة.

تم تفسير سورة الصافات بعون الله وتوفيقه، وواسع منّه وكرمه

* * *


(١) حديث صحيح. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (١/ ٧٧/ ١)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (١٢/ ١٦٥)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٧١٣).
(٢) زخّ: أي دُفع.
(٣) صحيح موقوف. انظر المعجم الكبير للطبراني (١٠/ ٢٤٤)، والحلية لأبي نعيم (٤/ ١٠٨)، والكامل لابن عدي (٣/ ١٢٧)، وعلل الدارقطني (٥/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>