للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الدماء الحرام التي يسفكونها، حبًّا منهم بالفاحشة والكبر في الأرض وتقليد الشياطين في ما يفسدونها ولا يعمرونها. فقالوا: {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ}. قال الحافظ ابن كثير: (أي يريد محمد بدعوته الشرف والاستعلاء عليكم). ثم ذكر رواية ابن أبي حاتم والسدي للحديث السابق قال: [استأذن نفر من مشيخة قريش فيهم أبو جهل والعاص بن وائل والأسود بن المطلب وغيرهم على أبي طالب فلما دخلوا عليه قالوا: يا أبا طالب أنت كبيرنا، وسيدنا فأنصفنا من ابن أخيك، فمره فليكف عن شتم آلهتنا. فبعث إليه أبو طالب فلما دخل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا ابن أخي هؤلاء مشيخة قومك وقد سألوك أن تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عم! أفلا أدعوهم إلى ما هو خير لهم؟ قال: وإلامَ تدعوهم؟ قال: أدعوهم أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب ويملكون العجم، فقال أبو جهل لعنه الله من بين القوم: ما هي؟ وأبيك لنعطينّكها وعشرَ أمثالها. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تقولون: لا إله إلا الله. فنفروا وقالوا: سلنا غيرها. قال: لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ما سألتكم غيرها فقاموا من عنده غضابًا وقالوا: والله لنشتمنك وإلهك الذي أمرك بهذا {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ}]. وأن: في محل نصب، والمعنى بأن امشوا. وقيل بل بمعنى أي امشوا.

وأما لفظ ابن جرير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: [لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل بن هشام فقالوا: إن ابن أخيك يشتم آلهتنا، ويفعل ويفعل، ويقول ويقول، فلو بعثت إليه فنهيته، فبعث إليه، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس رجل، قال: فخشي أبو جهل إن جلس إلى جنب أبي طالب أن يكون أرق له عليه، فوثب فجلس في ذلك المجلس ولم يجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسًا قرب عمه، فجلس عند الباب، فقال له أبو طالب: أي ابن أخي! ما بال قومك يشكونك؟ يزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول. قال: فأكثروا عليه القول، وتكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا عم إني أريدُهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العربُ، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية، ففزعوا لكلمته ولقوله. فقال القوم كلمة واحدة؟ نعم وأبيك عشرًا. فقالوا وما هي؟ فقال أبو طالب: وأي كلمة هي يا ابن أخي؟ قال: لا إله إلا الله. قال: فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون: {أَجَعَلَ لْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} قال: ونزلت من هذا الموضع إلى قوله: {لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ}]. وفي رواية: (فقاموا وهم يقولون: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>