للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتِلَاقٌ} ونزل القرآن {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} ذي الشرف {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} حتى قوله {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا}). وفي رواية محمد بن إسحاق أنهم أبو جهل بن هشام، وشيبة وعتبة ابنا ربيعة، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل وأبو معيط.

وعن مجاهد: ({وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ} قال: عقبة بن أبي معيط). {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} قال ابن جرير: (أي إن هذا القول الذي يقول محمد ويدعونا إليه من قول لا إله إلا الله شيء يريده منا محمد يطلب به الاستعلاء علينا وأن نكون له فيه أتباعًا ولسنا مجيبيه إلى ذلك). ثم قال سبحانه يصف قولهم {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ}. وفيه تفاسير:

التفسير الأول: أي النصرانية. فعن ابن عباس: (قوله: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} يعني النصرانية. فقالوا: لو كان هذا القرآن حقًّا أخبرتنا به النصارى). وقال قتادة: (يعنون ملة عيسى النصرانية وهي آخر الملل). قال الحافظ ابن كثير: (قالوا لو كان هذا القرآن حقًّا لأخبرتنا به النصارى).

التفسير الثاني: ملة قريش. فعن مجاهد: ({مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} قال: ملة قريش).

التفسير الثالث: قيل يعني في آخر الزمان. فعن الحسن قال: (ما سمعنا أن هذا يكون في آخر الزمان).

التفسير الرابع: قيل بل عنى بذلك دين قريش وزمانهم. فعن قتادة: ({مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} أي في ديننا هذا ولا في زماننا قطّ).

التفسير الخامس: قيل الملة الدين. قال ابن زيد: (الملة الآخرة: الدين الآخر، قال: والملة الدين).

التفسير السادس: قيل المراد أهل الكتاب. أي: (ما سمعنا من أهل الكتاب أن محمدًا رسول حق) ذكره القرطبي.

قلت: وغاية المعنى أن قريشًا قد استنكروا الدعوة إلى التوحيد في عالم يعيشونه مليء بالوثنيات والشرك ونسبة الولد إلى الله والاعتقاد بالوسطاء والشفعاء ونسبة البنات إلى الله بأنهم الملائكة وغير ذلك مما كان يسود الأرض أيام بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - من خرص اليهود وضلال النصارى وضياع الأمم، والله تعالى أعلم.

وقوله: {إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ}. هو من الخلق والابتداع. ففي لغة العرب خَلَقَ الإفكَ واخْتَلَقَهُ وتَخَلّقهُ إذا افتراه، ومنه قوله تعالى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}. وخلق واختلق إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>