للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ}. فيه تفاسير:

التفسير الأول: رخاء أي رخوة لينة. قال ابن جرير: (يعني رخوة لينة وهي من الرخاوة). وذكر عن ابن زيد قوله: (الرخاء اللينة).

التفسير الثاني: رخاء أي طيبة. فعن مجاهد: (في قوله: {تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً} قال: طيبة).

التفسير الثالث: أي مطيعة. فقد روي عن ابن عباس قوله: (يقول: مطيعة له).

التفسير الرابع: أي سريعة. قال قتادة: (سريعة طيبة، ليست بعاصفة ولا بطيئة).

قال القاسمي رحمه الله: (أي فذللناها لطاعته إجابة لدعوته {تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً} أي لينة سهلة، مع شدة وقوة، ولذا وصفت في الآية الأخرى بـ (عاصفة) {حَيْثُ أَصَابَ}: أي أراد). وقال القرطبي: (أي لينة مع قوتها وشدتها حتى لا تضر بأحد، وتحمله بعسكره وجنوده وموكبه. وكان موكبه فيما روي فرسخًا في فرسخ، مئة درجة بعضها فوق بعض، في كل درجة صنف من الناس، وهو في أعلى درجة مع جواريه وحشمه وخدمه، صلوات الله وسلامه عليه).

قلت: وغاية القول أنَّ الله سبحانه قد استجاب دعاء سليمان في التمكين والقوة نصرة لدينه وإعزازًا لأهله، فسخر له الرياح طواعية تجري بأمره وتحمله وجنده يصبِّح ويغير على أعدائه متى شاء وحيث أراد وقصد من البلاد.

وقوله: {حَيْثُ أَصَابَ} أي حيث أراد وقصد وهو مأخوذ من إصابة السهم الغرض المقصود. وعن مجاهد: (قوله: {حَيْثُ أَصَابَ} قال: حيث شاء). وقال الحسن: (حيث أراد). وقال ابن عباس: (يقول: حيث أراد انتهى عليها).

وقوله تعالى: {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ}. قال قتادة: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل، وغواص يستخرجون الحلي من البحر، {وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ} قال: مردة الشياطين في الأغلال). قال يحيى بن سلام: (ولم يكن يفعل ذلك إلا بكفارهم، فإذا آمنوا أطلقهم ولم يسخرهم). وقال الضحاك: (لم يكن هذا في ملك داود، أعطاه الله ملك داود وزاده الريح).

وقوله: {فِي الْأَصْفَادِ}. قال السدي: (تجمع اليدين إلى عنقه، والأصفاد: جمع صَفَد وهي الأغلال). قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (أي منهم ما هو مستعمل في الأبنية الهائلة من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات إلى غير ذلك من

<<  <  ج: ص:  >  >>