للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدكم فليقل: الحمدُ للَّه الذي ردَّ عليَّ روحي، وعافاني في جسدي، وأذِنَ لي بذكره] (١).

وأخرج البخاري عن حذيفةَ قال: [كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا أخذ مضجعهُ من الليل وضعَ يده تحتَ خده، ثم يقول: "اللهم باسمكَ أموت وأحيا". وإذا استيقظَ قال: "الحمدُ للَّه الذي أحيانًا بعد ما أماتنا وإليه النشور"] (٢).

وأما النفس والروح فقد اختلف الناسُ كثيرًا في أمرهما، هل هما شيء واحد أو شيئان مختلفان؟ ويبدو أنهما يتفقان أحيانًا في المعنى ويختلفان أحيانًا أخرى، فإذا اتفقا انصرف المعنى إلى الروح كما قال جل ثناؤه في سورة آل عمران: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: ١٤٥]، وكقوله في سورة الفجر: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: ٢٧ - ٣٠]. وكقوله في سورة الزمر: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}.

وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه وأحمد في مسندهِ عن أم سلمة قالت: [دخل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على أبي سلمة وقد شق بصرهُ، فأغمضهُ ثم قال: إن الروح إذا قبض تبعه البصر، فضج ناس من أهله فقال: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكةَ يؤمنون على ما تقولون] الحديث (٣).

ثم عبّر عن الروح بالنفس كما خرّج مسلم عن أبي هريرةَ عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [ألم تروا إلى الإنسانِ إذا مات شخصَ بصرُهُ، فذاكَ حينَ يتبعُ بصرهُ نفسَهُ] (٤).

وكذلكَ خرّج ابن ماجة بسند صحيح عن أبي هريرةَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إن الميت تحضرهُ الملائكةُ، فإذا كان الرجلُ صالحًا قال: اخرجي أيتها النفسُ الطيبة كانت في الجسد الطيب، اخرُجي حميدةً، وأبشري بروحٍ وريحانٍ، وربٍّ غير غضبان، فلا يزالُ يقال لها ذلكَ حتى تخرجَ، ثمَّ يُعرجُ بها إلى السماء، فيستفتحُ لها، فيقالُ: من هذا؟ فيقول: فلان، فيقال: مرحبًا بالنفسِ الطيبة، كانت في الجسد الطيب، ادخلي


(١) حديث حسن. انظر تخريج "الكلم الطيب" (٣٤)، (٤٥)، وصحيح الجامع (٣٢٦).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٣١٢)، (٦٣١٤)، كتاب الدعوات. باب ما يقول إذا نام، ورواه أحمد وأصحاب السنن. وبنحوه روى مسلم عن البراء.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٩٢٠)، وأحمد (٦/ ٢٩٧)، والبيهقي (٣/ ٣٣٤)، وغيرهم.
(٤) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٩٢١)، كتاب الجنائز. "شَخَصَ": أي ارتفع ولم يرتد.

<<  <  ج: ص:  >  >>