الأول:({عَلَى عِلْمٍ} عندي بوجوه المكاسب). قاله قتادة وفي رواية:({عَلَى عِلْمٍ} أي: على خير عندي). وقال القاسمي:(أي مني بوجوه الكسب والتحصيل).
الثاني:(أي بعلم علمني اللَّه إياه) قاله الحسن.
الثالث: أي على شرف أعطانيه، قال ابن جرير:(يعني على علم من اللَّه بأني له أهل لشرفي ورضاه بعملي).
وقال ابن كثير:(أي لما علم اللَّه تعالى من استحقاقي له ولولا أني مستحق لما خوّلني هذا). وذكره القرطبي فقال:(أي على علم مِن اللَّه بفضلي).
الرابع: أي هذا دلالة على منزلتي في الآخرة. قال الشوكاني:(وقيل: قد علمت أني إذا أوتيتُ هذا في الدنيا أنّ لي عند اللَّه منزلة وجاء بالضمير في أوتيته مذكرًا مع كونه راجعًا إلى النعمةِ لأنها بمعنى الإنعام).
قلت: والآية تصف الغرور الذي يعتري العبد إذا شعر بالغنى والخير والعافية وذهب عنه الألم والعناء والفقر كما قال جل ثناؤه في سورة العلق: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: ٦ - ٧]. وهو مدخل إبليس الأهم إلى النفس البشرية، فالإنسان عند الضعف يتذكر بفطرته ربّه سبحانه فيجأرُ إليه ليكشف عنه المصيبةَ ولكنه سرعان ما يستجيب لغوايات ووساوس شيطانهِ إذا شعر بالعافية والغنى فهو يدخل عليه من التأويل الأول، أي إنما حصل لك ذلك لفضل سعة علمك وإحاطتك بوجوه الكسب والتحصيل، فإن لم يستجب دخل عليه من التأويل الثاني أي إنما حصل لك ذلك الخير بعلم اختصه اللَّه بك، فإن لم يستجب دخل عليه من التأويل الثالث أي إنما ذلكَ علامة رضائه عنك واستحقاقك، وإلا دخلَ عليهِ من التأويل الرابع أي إن ورود هذه النعم عليك في الدنيا علامةُ ورودها عليك في الآخرة ودليل منزلتك يوم القيامة، ولا يهم الترتيب، بل كلها مداخل للشيطان إلى الإنسان ليصرفه عن التواضع للَّه إلى الكبر الذي دمّر إبليس وأخزاه، فتعوذ باللَّهِ من حال المستكبرين. ولذلكَ كانَ من هديه عليه الصلاة والسلام، الدعاء في الرخاء قبل الشدائد، كما روى الترمذي والحاكم بسند حسن عن