ودعوة مفتوحة لهم، وخاصة لعصاتهم، ليبادروا إلى التوبة والاستغفار بعد الإقلاع عن الذنوب والآثام، وهي فرصة ذهبية لتدارك العمر والنجاة من خطر لحظات الغرغرة ودقائق بلوغ الروح الحلقوم، فهو الغفور سبحانهُ مهما تراكمت الذنوب، ذو قدرة على تجاوزها وعلى التجاوز والعفو عن صاحبها، فارجعوا أيها الناس إلى اللَّه العظيم واستسلموا لأمرهِ وإلا باغتكم سبحانه بعذاب أليم، واستمسكوا بالقرآن فهو الحق وهو أحسن ما جاءكم، وإلا فاجأكم اللَّه بالعذاب من حديث لا تشعرون، فيتمنى عندها أهل الكبر والظلم العودة إلى الدنيا ويندمون على ما كانوا يفرطون ويستهزئون، كلا لا سبيل فقد قامت حجة اللَّه عليكم في الدنيا وآثرتم الكذب وسبيل المستكبرين والكافرين، ثم يوم القيامة يقفون في وجوه مسودة قد علاها أثر الظلم لتصلى نار جهنم مأوى المتكبرين، في حين ينجي اللَّه المتقين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فهو اللَّه الخالق رب كل شيء ومليكه، والكل مقهور بأمره وكبريائه، وعندهُ خزائن السماوات والأرض، فمن آثر عناد اللَّه والكبر الذي لا يليقُ إلا بجلاله أخزاه وكبهُ على وجهه في النار مع الخاسرين، فكيف تعبدون غيره وتدعون نبيّه إلى عبادة من دونه وقد أوحى اللَّه إليهِ كما أوحى إلى الأنبياء من قبله بأن الشرك يحبط العمل، ويورث سخطَ اللَّه وجحيم النار كالظلل، بل أخلص العبادة للَّه يا محمد أنتَ ومن معكَ وكن من الشاكرين، فإن هؤلاء ما قدروا اللَّه حق قدره إذ عرضوا عليك الشرك والكفر باللَّه وهو الذي يقبض الأرض ويطوي السماوات بيمينهِ يوم القيامة سبحانه هو الكبير المتعال، فتعالى عما يشركون وعما يفترون فهو العظيم ذو الجلال. وتفصيلُ ذلك.
قال الحافظ ابن كثير:(دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة، وإخبار من اللَّه تعالى بأنه يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها وإن كانت كزبد البحر، ولا يصح حمل هذه على غير توبة لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه). وأما أسباب نزول هذه الآيات ففيها أحاديث صحيحة.
ففي الصحيحين وجامع الترمذي عن ابن عباس رضي اللَّهُ عَنهما: [أن أناسًا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا وزنوا وأكثروا فأتوا محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزل: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ}[الفرقان: ٦٨]، ونزل {قُلْ