وهو قوله:{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا}. وعن ابن زيد - في قوله:{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} وفي قوله {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} - قال:(كان سوق أولئك عنفًا وتعبًا ودفعًا، وقرأ:{يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} قال: يدفَعون دفعًا، وقرأ {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} قال: يدفعه، وقرأ:{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} ثم قرأ {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} قال: فهؤلاء وفد اللَّه).
قال الشوكاني:(أي ساقتهم الملائكة سوق إعزاز وتشريف وتكريم). وقال النسفي:(المراد سوق مراكبهم لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين إلى دار الكرامة والرضوان كما يفعل بمن يكرم ويشرف من الوافدين على بعض الملوك).
وقال القاسمي:(أي مساق إعزاز وتشريف، للإسراع بهم إلى دار الكرامة {زُمَرًا} أي متفاوتين حسب تفاوت مراتبهم في الفضل).
وأحسن الإمام القرطبي الربط بين الآية وما قبلها والمقارنة حيث قال ({وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} يعني من الشهداء والزهاد والعلماء والقراء وغيرهم، ممن اتقى اللَّه تعالى وعمل بطاعته. وقال في حق الفريقين {وَسِيقَ} بلفظ واحد، فسوق أهل النار طردهم إليها بالخزي والهوان، كما يفعل بالأسارى والخارجين على السلطان إذا سيقوا إلى حبس أو قتل، وسوق أهل الجنان سوق مراكبهم إلى دار الكرامة والرضوان، لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين كما يفعل بمن يشرف ويكرم من الوافدين على بعض الملوك، فشتان ما بين السوقين).
وقوله:{حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}. في تقدير جواب (إذا) وجوه عند اهل التفسير:
الأول: قيل الجواب محذوف تقديره (سعدوا). قال المبرد تقديره:(سعدوا وفتحت). وقيل بل تقديره: اطمأنوا.
الثاني: قيل بل الجواب قوله {فُتِحَتْ} والواو زائدة. ذكره الأخفش. قال القاسمي نقلًا عن السمين قوله:(وإنما جيء هنا بالواو دون التي قبلها، لأن أبواب السجون مغلقة إلى أن يجيئها صاحب الجريمة فتفتح له، ثم تغلق عليه. فناسب ذلك عدم الواو فيها. بخلاف أبواب السرور والفرح، فإنها تفتح انتظارًا لمن يدخلها). وقيل: إن زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على اللَّه