وقوله:{وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ}. قال السدي:(صمم). أي: ثقل يمنع من استماع قولك.
وقوله:{وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} هو الاختلاف في الدين. قال النسفي:({وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} ستر، وهذه تمثيلات لنبوّ قلوبهم عن تقبل الحق واعتقاده، كأنها في غلف وأغطية تمنع من نفوذه فيها، ومجّ أسماعهم له كأن بها صممًا عنه، ولتباعد المذهبين والدينين كأن بينهم وما هم عليه وبين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وما هو عليه حجابًا ساترًا وحاجزًا منيعًا من جبل أو نحوه فلا تلاقي ولا ترائي).
وقوله:{فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ}. أي: اعمل على طريقتك ونحن نعمل على طريقتنا لا نتابعك. قال مقاتل:(اعمل لإلهك الذي أرسلك، فإنا نعمل لآلهتنا التي نعبدها). وقال الكلبي:(أي اعمل في هلاكنا فإنا عاملون في هلاكك). وعن الماوردي:(فاعمل لآخرتك فإنا نعمل لدنيانا). وقيل:(اعمل بما يقتضيه دينك، فإنا عاملون بما يقتضيه ديننا). قال ابن جرير:(أي: فاعمل يا محمد بدينك وما تقول إنه الحق إننا عاملون بديننا وما نقول إنه الحق، ودع دعاءنا إلى ما تدعونا إليه من دينك، فإنا ندع دعاءك إلى ديننا).
في هذه الآيات: قل -يا محمد- لهؤلاء المشركين إنما أنا بشر مثلكم أنذركم بالوحي أنه لا إله إلا اللَّه فاعبدوه واستقيموا على عبادته واستغفروه من ماضيكم وجاهليتكم فالويل للمشركين، الذين لا يزكون نعمة اللَّه عليهم بالشكر والإيمان بل يكفرون. لقد أعدَّ اللَّه تعالى للمؤمنين العاملين بطاعته أجرًا غير ممنون، في جنات الخلود جنات النعيم.
فقوله:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}. أي لست بملك بل أنا واحد من بني آدم مثلكم. قال الحسن:(علمه اللَّه تعالى التواضع).
وقوله:{يُوحَى إِلَيَّ} أي من السماء من عند اللَّه تعالى على أيدي الملائكة.