وكنتم أسعد الناس به". قالوا: سحرك يا أبا الوليد بلسانه. قال: هذا رأيي فاصنعوا ما بدا لكم) (١).
فقوله تعالى:{حم} هو كأمثاله في أوائل السور السابقة التي ابتدأت بالحروف المقطعة، ومفاده الإعجاز والتحدي، فإن القرآن العظيم هو من جنس هذه الأحرف وهو يتحدى الجن والإنس بإعجازه وبيانه وروعته وسموه.
وقوله تعالى:{تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. انتصارٌ للقرآن، فهو منزل من الرحمن الرحيم كما قال جل ذكره:{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ}.
وقوله:{كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ}. أي: بُيِّنت معانيه وأحكمت أحكامه. قال السدي:(بُيِّنت آياته). وقوله:{كِتَابٌ} بدل من {تَنْزِيلٌ}، أو خبر ثان لهذا، أو خبر {تَنْزِيلٌ}. وجملة:{فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} في محل رفع نعت لكتاب.
وقوله:{قُرْآنًا عَرَبِيًّا} بالنصب على المدح، والتقدير: ذكرنا قرآنًا عربيًا بشيرًا ونذيرًا، وذكرناه قرآنًا عربيًا. أو بالنصب على الحال من كتاب. و {عَرَبِيًّا} نعت قرآن منصوب.
وقوله:{لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}. قال ابن كثير:(أي إنما يعرف هذا البيان والوضوح العلماء الراسخون).
وقوله:{بَشِيرًا وَنَذِيرًا}. قال ابن جرير:(فصلت آيات هذا الكتاب قرآنًا عربيًا لقوم يعلمون اللسان العربي، بشيرًا لهم يبشرهم إن هم آمنوا به وعملوا بما أنزل فيه من حدود اللَّه وفرائضه بالجنة، ومنذرًا من كذب به ولم يعمل بما فيه بأمر اللَّه في عاجل الدنيا وخلود الأبد في نار جهنم في آجل الآخرة).
وقوله:{فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ}. أي: فاستكبر عن الإصغاء للوحي وتدبر حججه هؤلاء مشركو قريش {فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ}: أي لا يصغون للحق إعراضًا واستكبارًا.
وقوله:{وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ}. قال مجاهد:(عليها أغطية كالجَعْبة للنَّبْل). وعن السدي:({قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ} قال: عليها أغطية).
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١٤/ ٢٩٥ - ٢٩٦)، وعبد بن حميد كما في المنتخب (١١٢٣). وانظر صحيح السيرة - إبراهيم العلي - ص (٦٤)، وكتابي: السيرة النبوية على منهج الوحيين: القرآن والسنة الصحيحة (١/ ٢٠٥ - ٢٠٧).