للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ}. قال ابن كثير: (أي: فيهم قوة الانتصار ممن ظلمهم واعتدى عليهم، ليسوا بعاجزين ولا أذلة، بل يقدرون على الانتقام ممن بغى عليهم، وإن كانوا مع هذا إذا قدروا عفوا).

وقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}. قال القاسمي: (أي وجزاء سيئة المسيء ما ماثلها. إذ النقصان حيف والزيادة ظلم). قال النسفي: (فالأولى سيئة حقيقية والثانية لا، وإنما سميت سيئة لأنها مجازاة السوء، أو لأنها تسوء من تنزل به، ولأنه لو لم تكن الأولى لكانت الثانية سيئة لأنها إضرار، وإنما صارت حسنة لغيرها، أو في تسمية الثانية سيئة إشارة إلى أن العفو مندوب إليه).

وقوله: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}. قال ابن عباس: (من ترك القصاص وأصلح بينه وبين الظالم بالعفو). وقال مقاتل: (فكان العفو من الأعمال الصالحة).

وفي جامع الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري مرفوعًا: [ولا ظُلم عبدٌ مظلمة صبر عليها إلا زاده اللَّه عز وجلّ عِزًا] (١). وفي لفظ لأحمد: [فاعفوا يزدكم اللَّه عزًا].

وقوله: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}. قال سعيد بن جبير: (أي مَنْ بدأ بالظلم). وقال ابن عيسى: (لا يحبّ مَن يتعدى في الاقتصاص ويجاوز الحدّ).

وقوله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ}.

قال القرطبي: (دليلٌ على أن له أن يستوفي ذلك بنفسه). وقال القاسمي: ({فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} أي للمعاقب، ولا للعاتب والعائب. لأنهم انتصروا منهم بحق. ومن أخذ حقه ممن وجب ذلك له عليه، ولم يتعد ولم يظلم، فكيف يكون عليه سبيل؟ ).

وقوله: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}.

أي: إنما السبيل على الذين يبدؤون الناس بالظلم والإضرار، أو يعتدون في الانتقام، {وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ}: يتكبرون فيها ويشيعون الفساد.

وقوله: {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. أي: مقابل ظلمهم وعتوهم وبغيهم وإفسادهم. وقوله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.


(١) أخرجه أحمد في المسند، والترمذي (٢٣٢٥) في السنن، وانظر صحيح سنن الترمذي (١٨٩٤)، وصحيح الجامع الصغير -حديث رقم- (٣٠٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>